هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون ردّ أمرها إلى الأمير طغج بن جفّ الفرغانى. فلقيتهم عساكره. فانهزموا من القرامطة ولم يثبتوا قدّامهم. وقتل كثير منهم وأخذوا منهم ما قدروا عليه. ولم يزالوا حتى نازلوا دمشق وحصروا طغج بها. وكان الخبيث ابن اللعين يحضر على ناقة فى الحرب ويقول لأصحابه: لا تسيروا فى مصافكم حتى تنبعث بين أيديكم، فإذا سارت فاحملوا، فإنّه لا تردّ لكم راية إذ كانت مأمورة.
فسمّى بذلك صاحب الناقة.
وحصر طغح بدمشق سبعة أشهر، وكتب إلى مصر يعرّف من قتل من أصحابه، وأنه محصور، وقد فنى أكثر الناس، وقد خرب البلد.
فأنفدوا إليه بدرا الكبير غلام ابن طولون المعروف بالحمامى. فسار حتى قرب من دمشق. وخرج إليه طغج واجتمعا على قتال اللعين. والتقوا بموضع قريب من دمشق. فأصاب اللّعين سهم فذبحه وعجّل الله بروحه إلى سقر. وحمى أصحابه اللعين الثانى ابن زكرويه. فقاتلوا أشدّ قتال شبهد، حتى انحازوا عنهم وانصرفت القرامطة. وكان هذا اللعين المقتول قد ضرب دراهم ودنانير كتب على السكة من وجه ({قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ}). وعلى الوجه الثانى: لا إله إلا الله ({قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}).