وهذا كلام فيه إيجاز وألغاز، وذلك أنّ إشارته أن تكون البداية من تاريخ وقته، فيكون المراد سنة ست وتسعين ومئتين، وفيها كان ظهور الإمام المهدى.
وكان أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام بعث إلى المغرب فى سنة خمس وأربعين ومئة رجلين يعرف أحدهما بأبى سفيان والآخر بالحلوانى، وأمرهما أن يبسطا ظاهر علم الأئمة صلوات الله عليهم، وأن لا يتجاوزا أفريقية، ثم يفترقان فينزل كل واحد منهما ناحية.
فامتثلا ما أمرهما به. فكان الحلوانى يقول: بعثت أنا وأبو سفيان فقيل لنا اذهبا إلى المغرب فإنّكما تأتيان أرضا بورا فاحرثاها وكرّباها وذلّلاها إلى أن يأتيها صاحب البلد فيجدها مذلّلة فيبدر فيها حبه.
وكان بين دخولهما المغرب وبين صاحب (ص ٧٩) البدر، وهو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن زكريا، مئة وخمس وثلاثون سنة.
فلما دخل أبو عبد الله وظهر لأهل المغرب علمه وفضله قال أحد الأولياء لأصحابه: لولا واحدة كان الحلوانى يقولها ما خامرنى الشك أنّ هذا الرجل هو صاحب البدر الذى كان الحلوانى يبشّر به. قالوا:
وما هى؟ قال: كان إذا وصفه قال فى فيه إصبع. فبلغ ذلك أبا عبد الله فتبسم وقال: هذا لا يكون. ولما أخذ العهد بعد ذلك واشترط الكتمان وضع إصبعه على فيه وقال: هذا هو الإصبع الذى أشار إليه الحلوانى. أمركم بالصمت والكتمان. فأمّا أن يكون فى فم رجل إصبع فلا. قالوا: كذلك والله هو.