بعد أن كادت تكون فتنة بين الجند المصطنعين وبين المغاربة. فلما همّوا أن يتواقعوا أخرج الأستاذ برجوان الأموال وأرضى الجميع، وأصلح ذات البين، ورفع المغاربة وجعلهم فى ولايات الجند من الترك والعجم وغيرهم، وساس أيضا أمور الترك والعجم، ودبّر أحسن تدبير.
ولم يزل الحاكم من صغره يشتغل بالآداب والدروس، والنظر فى دقائق العلوم: مثل علم النجوم والأرصاد والكيمياء والعزائم والطلسمات وسائر علوم الرياضيّات، حتى حصل له ما شاع وذاع.
هذا فى ابتداء أمره، وأمّا فى نهايته وتمام أيامه فصدرت عنه أمور تلى إلى الجنون، لا بل هى الجنون بعينه، من خرافات دينيّة ودنياوية.
فأمّا الدنياوية السيّئة التى صدرت عنه فتلخيص ذلك أنّه منع من بيع الزبيب، وأن لا يتّجر أحدا فيه. وجمع كلّ زبيب كان فى سائر ممالكه وأعماله وأمر بإحراقه فأحرق.
قال المؤرّخون من الثقات المصريّين: حسب جملة ما أنفق على إحراق الزبيب فى ثمن الأحطاب التى أحرق بها فكانت ألف دينار عينا، ولم يبق للزبيب أثر فى سائر الأقاليم.