وذكر أنّه تركه عند المقصبة والقبر، وأنه أمره بالانصراف. وصار الناس يخرجون فى كلّ يوم مع الموكب ينتظرونه يرجع. فلما كان يوم الأحد ثالث ذى القعدة خرج صاحب المظلّة ونسيم الخادم وابن يشكن التركى (ص ١٧٩) صاحب الرمح وجماعة من الأتراك والقاضى ابن <أبى> العوّام فلم يزالوا حتى بلغوا دير القصير وأمعنوا فى الجبل، فرأوا حماره على بعد، فأتوه فوجدوه وقد ضربت يداه بسيف، ثم وجدوا جباب الحاكم فى البركة التى هناك، ونظروا فى الأرض إلى أثر رجلين أحدهما أمام الحمار والآخر خلفه، ثم تتبّعوا آثار الأرجل إلى البركة ونزلوها، فوجدوا جبابه، وهى أربع جباب من صوف مزرّرة لم تفكّ أزرارها، وفيها آثار السكاكين. فتيقّنوا أنه قتل لا محالة.
قلت: ورأيت فى مسوّداتى أنّ الذى تسبّب فى قتله أخته ستّ الملك. وكانت ذات أدب وعقل ودين وعقيدة حسنة فى الإسلام، على غير ما كانوا عليه أهاليها، وكانت كثيرة الصلاة والصوم وتلاوة القرآن والبرّ والصدقة على المساكين. فلما اشتهر لها أمر الحاكم بدعواه الملعونة أنكرت عليه ذلك ونصحته. فقال لها: ويلك يا فاجرة!