وروى عن عكرمة عن ابن عبّاس أنّه قال: فى كلّ أرض آدم كآدمكم، وهذا القول بعيد ولم يرد به خبر ولا أثر، وإنّما هو آدم واحد وهو أبو البشر، وقد أخذ على أبى العلاء المعرّى قوله (من الطويل):
وما آدم فى مذهب العقل واحد ... ولكنه عند القياس أوادم
ومن المستحسن فى المعنى قول الآخر (من السريع):
افترق العالم من آدم ... واجتمع العالم فى آدمى
فجعلة العالم من واحد ... وواحد من جملة العالم
ومذهب الأوائل أنّ الأرض على صفة واحدة كالمحّة فى البيضة وإنّما تختلف أجناسها وليس تحتها سوى الماء، والله أعلم.
قلت: قد انتهى القول فى ذكر الأرض وخلقها وجميع ما ورد واتّصل بنا من مخلوقاتها وسكّانها ببرّها وببحرها، وسهلها ووعرها، جهد الطاقة وحسب الاستطاعة، وذاك كلّه بمعونة الله تعالى وحسن توفيقه، ولنتبع ذلك بذكر مقامة من مقامات ابن الجوزى رحمه الله فيما يتعلّق بذكر الجنّة والنار، لما فيها من الأخبار والآثار، تبصرة وذكرى لأولى الأبصار.
ثم نتلوها بما للعيون يجليها، وللقلوب يجلوها، لقول الإمام على عليه السلام:
إنّ القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد فابتغوا لجلائها طرائف الحكم.
وأثبتّ هذا الفصل آخر هذا الجزء لثلاث وجوه: الأوّل: اتّباعا لهذا الخبر الوارد عن مثل الإمام الأروع والبطل السميدع (٢٤٢) الأسد الوائب، والليث الغالب، الإمام علىّ بن أبى طالب، الثانى: إنّا ذكرنا الأرض وجبالها، ورمالها وتلالها، وبحارها وأنهارها وسكّانها من أممها جنّها وإنسها من مخلوقاتها، فأحببنا أن نردف ذلك بذكر المحبوب من نباتها، من أزهارها وثمارها والمستحبّ من