فقالوا جميعهم: لا حياة لنا بعدك، ومهما اخترته لنفسك اخترناه لأنفسنا.
فلما كان وقت الصلاة اصطفت العسكرين. فعندها قام السلطان فى سرجه ورمى القوس من يده؛ وتناول لتّ حديد. وفعل جميع أصحابه كفعله. وصاح. الله أكبر فتح الله ونصر. وحمل على الروم حملة صادقة، وحملوا جميع أصحابه بقلوب موافقة، فلم يقفوا الروم قدّامهم ولا طرفة عين لتلك الحملة المنكرة. ونصر الله الإسلام وكسروا عبدة الصلبان والأشخاص والأصنام، وركبوا أكتافهم قتلا وأسرا، وتبعهم السلطان بقيّة يوم الجمعة مع ليلة السبت (ص ٣٢٩) وهو يقتل ويأسر، فلم ينج منهم إلاّ القليل النادر. وغنم جميع ما كان معهم، ورجع إلى مكانه. فدخل عليه بعض الأمراء الذى له وقال: إنّ أحد مماليكى أسر ملك الرّوم. وكان هذا المملوك قد أعرض على نظام الملك فاحتقره ولم يجيز عرضه وأسقطه، وقال مستهزئا به:
لعلّه يأتينا بملك الروم! فأسر الله ملك الروم على يده لكسر قلبه.
فأمر السلطان بعض الخدّام الذين عنده ممن كان يعرف ملك الروم أن يتوجّه ويكشف عن حقيقة أمره فلما رآه عرفه. فعاد إلى السلطان وأخبره بذلك. فأمر له بخيمة فضربت له، ووكل به من يحفظه،