معبرى الرؤيا، وقص عليهم المنام، فقيل:«ينالك مكروها من شخص هو مقيم فى هذا المسجد». وطلب متولى مصر فقال:«يكشف عن من هو مقيم بمسجد كذا وكذا -وكان العاضد يعرف كل مسجد بمصر-فإذا رأيت به أحد فاحضره إلى عندى».
فمضى الوالى وأحضر رجلا صوفيا. فلما رآه العاضد سأله، من أين هو ومتى قدم.
وهو يجيب عن كل سؤال. فلما ظهر له منه الضعف والصدق والعجز عن إيصال مكروه إليه، أطلق سراحه، وعاد الرجل إلى مسجده. فلما استولى السلطان صلاح الدين، وعزم على القبض على العاضد، واستفتى فيه الفقهاء، وأفتوه بجواز ذلك، لما كان عليه من انحلال العقيدة، وفساد الاعتقاد، وكثرة الوقوع فى حق الصحابة، والإشهار بذلك، فكان أكثرهم مبالغة فى الفتيا والتصميم على زوال أمر العاضد ذلك الشخص الصوفى الذى كان فى ذلك المسجد، وهو الشيخ نجم الدين الخبوشانى، فإنه عدد مساوئ القوم، وسلب عنهم الإيمان جملة، وأطال فى ذلك.
وبنى الأمر على قوله وفتياه. فصحت بذلك رؤيا العاضد، والله أعلم.