أمره ووزارته، ولكل قادم دهشة. وذلك أن أسد الدين لم يقم فى الوزارة غير أربعة أشهر، وقيل ثمانية أشهر على اختلاف الرواة فى ذلك، وتوفى إلى رحمة الله تعالى فى تاريخ ما تقدم، ووزر صلاح الدين، حسبما تقدم أيضا، واستمر حاله.
ولما توفى أسد الدين وقام بالأمر صلاح الدين عمل عماد الدين الكاتب [قصيدة] رثى فيها أسد الدين، وهنأ بصلاح الدين، أولها منها:
ما بعد يومك للمعنّى المدنف ... غير العويل وحسرة المتأسّف
ما أجرأ الحدثان كيف عدا على الأ ... سد الهصور عدا، ولم يتوقف
لا نستطيع سوى الدعاء فكلنا ... إلا بما فى الوسع غير مكلّف
وفى سنة أربع وستين ملك نور الدين قلعة جعبر أخذها من صاحبها شهاب الدين مالك العقيلى. وكانت بنو كلب قد استأسروه، وأتوا به نور الدين، فلم يزل يلطف به وعوضه عنها عدة بلاد، حتى سلمها لنور الدين. وكانت قلعة جعبر لم تزل فى يد هؤلاء القوم من حين سلمها لهم جلال الدولة ملكشاه، لما أخذها من صاحبها جعبر، وكان شيخا أعمى [من بنى قشير يقال له جعبر بن مالك]، وله ولدان كانا يقطعان الطريق ويخيفان السبيل فقتلهما وسلم القلعة للعقيليين فلم تزل فى أيديهم إلى هذه السنة، فأخذها نور الدين من صاحبها المذكور حسبما ذكر.