وما هو بين القلعة والمقسم وحائط القلعة بالجبل مجاور مسجد سعد الدولة ثمانية آلاف ذراعا وثلاثمائة واثنان وتسعون ذراعا؛ ومن جانب القلعة من مسجد سعد الدولة مقبل إلى الكوم الأحمر سبعة آلاف ذراع ومائتا وعشرة أذرع. وذلك بشاد بهاء الدين قراقوش، وهو الذى راك الديار المصرية، وهو أول روك كان بها.
وسميت الدنانير القراقوشية كل دينار ثلاثة عشر وثلث. وذلك أنه قطع سعر القمح والشعير والفول فى غالب الأزمان وجمعه، فكانت جملة ثمن كل أردب ثلاثة عشر درهم وثلث، فسمى ذلك دينار جيشى. وأقطع البلاد على هذه الدنانير، فاستمرت إلى الآن.
وفى أول هذه السنة جهز صلاح الدين أخاه الملك المعظم عيسى إلى اليمن، ففتحها وحصل على أموالها وحواصلها. وسبب ذلك أن صلاح الدين وأخاه المعظم كانا خائفين من الملك العادل نور الدين الشهيد، فاتفقا على أن يفتحا اليمن، فتكون لهما معقلا وحصنا، إن قوى عليهما نور الدين. وكانت إرادة الله لهما غير ذلك، حتى ملّكهما الأرض كلها. وكان صاحب اليمن قد قطع الخطبة عن ذكر الخلفاء وخطب لنفسه، ففتحها المعظم فى أول هذه السنة، وأقام بها شهورا يسيرة. واشتاق إلى أخيه صلاح الدين، فنفّذ رجلا من عقلاء قومه، وقال:«إن وجدت السلطان صلاح الدين يوما منشرحا فاطلب لى دستوره لزيارته». فلما وصل الرسول ومعه هدايا اليمن وطرفها عرف صلاح الدين ما قال أخوه، فأعجبه منه ذلك، وأنعم على الرسول، ونفذ يطلب المعظم، فحضر إليه.
وفيها أبطل نور الدين الشهيد سائر المكوس بالشام، فكانت جملته خمسمائة