وسأذكر الكتاب الذى نسخته منه وسبب تحصيله. وجميع ذلك أذكره عند أخذهم لبغداد، واستيلائهم على البلاد، ليكون الكلام سياقه يتلو بعضه بعضا، إن شاء الله تعالى.
وكانت مدة خلافة الإمام الناصر سبع وأربعون سنة وأشهر. وهو الذى امتدحه كمال الدين بن النبيه بقصيدته، التى هى أول ديوانه، وأولها:
بغداد مكتنا وأحمد أحمد ... حجوا إلى تلك المناسك واسجدوا
وهذا من التغالى الذى يخرج إلى الكفر. وكمال الدين-عفا الله عنه-من الشعراء المجدين، لو سلم فى شعره من التجاسر الذى لا يليق أن يذكر، كقوله أيضا فى قصيدته التى أولها:
قمت ليل الصدود إلا قليلا ... ثم رتلت ذكركم ترتيلا
فهذا فيه إقدام على القرآن العظيم، ولا يجوز البتة، لما فيه من المعارضة.
وابن النبيه المذكور مادح الملك الأشرف موسى، وله فيه نخب القصائد، فلو سلم مما ذكرناه لذكرناه. وديوانه أشهر من أن يذكر.
وفى هذه السنة أنعم السلطان صلاح الدين ببعلبك على ابن أخيه عز الدين فرخشاه ابن شاهنشاه بن أيوب، ولقب الملك المنصور. ولم يزل مالكها إلى أن توفى فى حياة السلطان صلاح الدين، فصارت لولده الملك الأمجد مجد الدين بهرام شاه. فلم يزل مالكها حتى أخذها منه الملك الأشرف [مظفر الدين] موسى بن العادل الكبير سنة سبع وعشرين وستمائة. وفيها توجه الملك المعظم شمس الدولة توران شاه بمرسوم السلطان من دمشق إلى الديار المصرية، وأنعم عليه السلطان بإسكندرية، فأقام بمصر إلى أن توفى فى تاريخ ما نذكره إن شاء الله تعالى.