فمشى بينهما بالصلح، فاصطلحا صلح العامرية، على فساد. ولما رأى العادل اختلاف الإخوة، طمع فى الملك بالشام ومصر وغيرهما.
وكان لما بلغ سيف الدين بكتمر صاحب خلاط موت السلطان صلاح الدين فرح فرحا عظيما، وأمر أن تضرب البشائر فى سائر قلاعه وحصونه، ولقب نفسه الملك الناصر، وكتب كتبا إلى سائر ملوك الشرق، مثل عز الدين مسعود بن مودود بن زنكى ابن اقسنقر صاحب الموصل وحسام الدين [يولق] أرسلان بن إيلغازى، وكذلك إلى صاحب سنجار، وصاحب ماردين، وغيرهم، يستدعيهم إلى قتال الملك العادل، وأن يأخذ البلاد منه، فأجابوه إلى ذلك. وكان أول من قدم منهم صاحب ماردين وصاحب الموصل، إلا عماد الدين زنكى فإنه لم يوافقهم على ذلك. وكان اجتماعهم فى سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
وأمّا ما جرى للعزيز فإنه لما خرج إلى الشام جعل ولده المنصور ولى عهده -وكان صغيرا-فأقام بهاء الدين قراقوش نائبا عنه بالديار المصرية. ولما أصلح العادل بينه وبين أخيه الأفضل حصل الخلف بين العزيز وبين أمرائه الأسدية والأكراد، ففارقوا خدمته، ومضوا إلى عمه العادل وأخيه الأفضل. وانقلب الدست عليه، فتوجه من دمشق هاربا لا يلوى على شئ. وركبوا خلفه ولحقوه ببلبيس، وحاصروه بها أياما.
ثم اصطلح مع عمه العادل وأخيه الأفضل على مال دفعه. وعاد الأفضل إلى الشام ودخل العادل إلى القاهرة، وأخلى له العزيز القصر الكبير.