ولما استقر الملك المنصور بن العزيز بالمملكة-وهو إذ ذاك طفل-نفذ إلى عمه الملك الأفضل فأحضره من صرخد، وجعله أتابك جيوشه، خوفا من العادل عم أبيه.
وقيل إن ذلك كان بوصية من العزيز له.
وكان دخول الأفضل القاهرة فى شهر ربيع الأول. وفى يوم وصوله إلى بلبيس ورحيله متوجها إلى القاهرة انفصل أياز جهاركس، وسرا سنقر، وقراجا الكبير، من الخدمة بديار مصر، وتوجهوا إلى القدس، وأقاموا به عاصين على الأفضل، وكاتبوا الملك العادل.
وفيها عزل القاضى زين الدين عن الحكم.
وفيها توجه ألطنبا الجحاف مع جماعة من الأمراء المصريين إلى الشام، ولحقوا بمن تقدمهم.
وفيها تجهز الأفضل، وخرج بالعساكر المصرية إلى الشام، لمحاصرة عمه العادل.
وفيها قبض [الأفضل] على أخيه المؤيد [مسعود] مع جماعة من الأمراء المصريين، وأودعهم الاعتقال.
وقيل إن العادل كان بالشرق، وولده الكامل بدمشق. فلما بلغ العادل توجّه الأفضل من الديار المصرية إلى نحو الشام، خشى على ولده، وأن تؤخذ دمشق، فساق فى خيل يسيرة جريدة، فوصل فى إحدى عشر يوما. ودخل دمشق قبل وصول أحد إليها، وأمر الكامل أن يتوجه إلى الشرق، ويكون على يقظة من أمره، وذلك فى ثالث شعبان من هذه السنة. ثم إن الأفضل زحف إلى دمشق، وجرى بينهما قتال عظيم، وحرب شديد، وقتل من الفئتين خلق كثير. واستظهر الأفضل، ولم يبق إلا أخذ دمشق، وتحصّن العادل بالقلعة. ثم إن عسكر الأفضل تفرق، ودخلوا دمشق من عدة أماكن، وتفرقوا للنهب، فنزلت الأمراء العادلية،