قد علم الأخ العزيز ما جرى على دمياط، وأريدك تحرّض الناس على الجهاد، وتعرّفهم ما جرى على إخوانهم المسلمين أهل دمياط، من الكفرة أهل العناد. وأنى كشفت عن ضياع الشام فوجدتها ألفى ضيعة، ألف وستمائة أملاك لأهلها، وأربعمائة سلطانية. وكم مقدار ما تقوم [به] هذه الأربعمائة ضيعة من العساكر. والقصد أن يخرج أهل الأملاك يذبّوا عن أملاكهم، الأصاغر منهم والأكابر». قال أبو المظفر:
فجلست فى الجامع بدمشق، وقرأت كتابه عليهم، فأجابوا بالسمع والطاعة، وقابلوا أمره بالامتثال. وقالوا:«نتجهز جهدنا». فلما حلّ ركابه بالساحل، وقع التقاعد من العامة، فكان ذلك سببا لأخذ الخمس من أموالهم. وتوجهت إليه فلحقته بقيسارية، ففتحها بالسيف عنوة، ثم فتح النقير، وانتقل فدخل دمشق، ووقعت جباية الخمس.
وفيها توفّيت الست ست الشام بنت أيوب، أخت السلطان صلاح الدين، وشقيقة الملك المعظم شمس الدولة توران شاه، وسيف الإسلام، ابنى أيوب. وهى التى تنسب إليها المدرستان اللتان بدمشق، الواحدة قبلى البيمارستان النورى، والأخرى ظاهر دمشق بالغوطة، وتعرف أيضا بالحسامية، نسبة إلى ابنها حسام الدين، وكانت دفنته بها. وهو إحدى القبور الثلاث، والقبلى هو قبر توران شاه، والأوسط قبر ابن عمها ناصر الدين محمد بن شير كوه. ولم يكن لأسد الدين شير كوه ولد غيره.
وكان تزوجها، وولدت له حسام الدين المدفون بالمدرسة المعروفة به. وكانت ست الشام من كرماء الناس الجيدات. وكانت تعمل فى بيتها كل سنة من الأشربة والمعاجين والعقاقير بألوف دنانير، وتفرقها على الناس للثواب. وكان بابها ملجأ القاصدين، ومفزع المكروبين. وكان وفاتها فى ذى القعدة من هذه السنة. وإخوتها أربع ملوك عظماء بنى أيوب؛ وهم السلطان صلاح الدين، والملك العادل سيف الدين