مسرعين إلى همذان، فلما قاربوها خرج إليهم كبراؤها بالدواب والخيل والأموال، حتى ملأوا عيونهم وطلبوا الأمان، فتركوا بها شحنة من جهتهم، وساروا عنها إلى أذربيجان، فملكوها، وقتلوا كل من كان بها، ثم قزوين، فاعتصم أهلها بالمدينة، فحاصروها وملكوها، وقتلوا كل من كان بها، وكذلك زنجان. ثم ساروا إلى موقان، وإلى مدينة مرو، واقتتلوا فى طريقهم مع الكرج وكسروهم.
وفيها سيّر صاحب أذربيجان-وهو أزبك بن البهلوان السلجوقى-إلى الملك الأشرف موسى يستنجده على التتار، فتكاتبوا الملوك الإسلامية، واتفقوا أن إذا خرج الشتاء ركبوا الجميع ولاقوا التتار، وظنوا أن التتار لا يدخلوا إليهم فى تلك السنة.
وأما التتار فإنهم ساروا فى أول الربيع إلى بلاد الكرج، وانضاف معهم مملوك لصاحب أذربيجان يسمى أقوش، وجمع معه خلقا من المفسدين، من الجبال، تركمان وأكراد وجبلية، وغيرهم من الطوائف العديمى الدين. وسار بهم أمام التتار حتى وصلوا أذربيجان، فملكوا حصنا من حصونها، وفتحوا أكثر بلادها. وساروا مجدين إلى تفليس، فخرجت جميع الكرج مجدين معدين، والتقوا عسكر أقوش، واقتتلوا قتالا عظيما، قتل بين الفريقين خلق عظيم. كل هذا وعسكر التتار ما وصل إليهم.
فلما وصلت التتار، كانت الكرج قد تعبت. فلما أردفت التتار لعسكر أقوش ولى الكرج منهزمين، وركبت التتار أقفيتهم قتلا وأسرا. وكان ذلك فى ذى القعدة من هذه السنة. ثم توجه التتار إلى توريز، فصانعهم صاحبها بأموال عظيمة.
ثم توجهوا إلى مراغة، وكانت ملكتها امرأة مقيمة بالقلعة، فنزلوا عليها وحاصروها عدة أيام، وأسرى المسلمين بين أيديهم يزحفون بهم على المسلمين. وهكذا كانوا يفعلون، يقابلون بالمسلمين المسلمين فى سائر الأقاليم. ولم يزالوا حتى ملكوا مراغة، فى شهر صفر من سنة عشرين وستمائة، وفعلوا بهم كعوائدهم الشنيعة.