وفيها توفى الإمام الظاهر بأمر الله. وعمل السلطان عزاءه فى بركة الحجاج، كما يأتى ذكر ذلك فى تاريخه، إن شاء الله تعالى.
وفى سابع ذى القعدة سافر الملك المسعود أقسيس إلى اليمن، وودعه والده السلطان الملك الكامل إلى قلعة صدر، ثم توجه إلى ثغر الإسكندرية.
وفيها وصل جمال الدين يوسف بن الجوزى رسولا إلى الملك المعظم صاحب الشام، يقول له عن الخليفة:«تخرج عن موافقة هذا الخارجى جلال الدين، ونحن نصلح بينك وبين إخوتك». وكان المعظم قد سير مملوكه إلى السلطان جلال الدين، فرحله عن تفليس، وأنزله على أخلاط. وكان الأشرف على حران، نازل بها.
قال أبو المظفر-وكان ابن أخت الشيخ جمال الدين بن الجوزى-: قال لى المعظم:
«قلت لخالك جمال الدين، إذا أنا رجعت عن جلال الدين الخوارزمى، وقصدنى إخوتى، تنجدونى أنتم؟. قال: نعم. فقلت: والله ما لكم عادة بنجدة أحد قبلى حتى تنجدونى أنا. هذه كتب الإمام الناصر عندى، ونحن على دمياط فى حرب الإفرنج، وهو الجهاد الأعظم المفترض على كل مسلم-دع أن يكون إمام المسلمين-ونحن نستصرخ به، ونقول: «واغوثاه! أنجدنا! أنجدنا! أدرك الإسلام!»، فيجئ الجواب بعد التوقف، أن قد كتبنا إلى ملوك الجزيرة فلم يقبلوا. ثم قلت له: مثلى معكم كمثل رجل شيخ كبير، كان يخرج وقت السحر ليصلى بالمسجد وفى يده عكاز، خوفا من الكلاب، فقال له بعض أصحابه:«أنت شيخ كبير تحمل هذا العكاز يتعبك حمله».
فقال:«إنى أخشى الكلاب». فقال له الرجل:«كن اقرأ سورة يس، واخرج من بيتك، ما يقربك كلب». ثم رآه بعد مدة والعكاز فى يده، فقال:«ألم أعلمك شئ يريحك من حمل العكاز». فقال:«سورة يس أقرأها إذا لقينى كلب يعرف القرآن، وهذا العكاز لكلب لا يعرف القرآن». وأنا فقد اتفق إخوتى علىّ، وقد أنزلت