فخر الدين بن الشيخ وهو بالينبع وصحبته ألطغتكين، واجتمعوا يدا واحدة ثم قصدوا مكة. فلما علم بهم راجح، والعسكر اليمنى، خرجوا منها سالمين، وتولاها قطب الدين بن مجلى فى ذلك التاريخ.
وفى تاسع عشر رمضان سلطن السلطان الملك الكامل ولده سيف الدين أبو بكر، ولقبه العادل. وركب وشق القاهرة فى دست الملك، وكان نهارا مشهودا.
وفيها ظهر نور عظيم من السماء، فكان يرى مستطيلا عن يسار مطلع الشمس، ويرى فى أواخر الليل. فقال المنجمون إنه كوكب له ذؤابة طويلة.
وفيها غلت الأسعار ببغداد، حتى بلغ ثمن الكر من الحنطة نيف وثمانين دينار، والشعير خمسة وأربعين دينار. وغلت جميع الحبوب، فأخرج الخليفة فى كل يوم مائة كر من أربعة أصناف الحبوب. فرخصت الأسعار قليلا. ومن جملة ما حكى أن أهل بغداد من العامة لما غلا السعر كتبوا أوراقا ورموها بدار الخلافة، فيها مكتوب:«وحياة فضة وحجر الدوادار، افتح لنا المنابر وأرخص لنا الأسعار»، فقيل إنه كتب على رأس رقعة منهم:{وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ»}.
ثم أمر بإخراج الغلال حسبما ذكرناه، والله أعلم.
وفيها توفى الملك المعظم مظفر الدين كوكبورى بن زين الدين على كوجك صاحب مدينة إربل. وكان ملك إربل بعد وفاة أبيه على كوجك المتحكم فى الدولة الأتابكية وصرف عنه الملك إلى أخيه. ولما ظهر أمر السلطان صلاح الدين التجأ إليه، فملّكه، وجمع له بين الرها وحران. ثم توفى زين الدين يوسف صاحب إربل، فنزل مظفر الدين عن ما كان بيده، ويعوض إربل. واستمر بها إلى هذه السنة، فتوفى إلى رحمة الله تعالى. هذا ما ذكره ابن واصل فى تاريخه.