الصالح أيوب، ولم يأته ولا دخل فى طاعته. وكان متفقا مع الصالح إسماعيل. وكان الصالح أيوب قد نفّذ الحليم سعد الدين من نابلس، ومعه طيور البطائق، يعرفه أحوال الصّالح إسماعيل، وقتا بوقت. فكان سعد الدين يكتب البطائق بما يراه من تغير الأحوال، ويربطها على أجنحة الحمام، ويعطيهم للبراج، فيمضى بهم إلى السامرى الذى عاد وزير الصالح إسماعيل، وكان له بدمشق عينا، فيأخذ السامرى تلك البطائق ويكتب للملك الصالح أيوب بالعكس مما كتبه سعد الدين، فيطيب خاطره بذلك.
وكان الملك الصّالح أيوب-رحمه الله-سليم الباطن، عديم المكر. هذا والصالح إسماعيل يبعث الأموال إلى المقدمين وكبار الناس من الجيوش، ويفسد الحال على الملك الصّالح فى الباطن. فلما أتقن أمره خرج من بعلبك بالفارس والراجل، على أنه طالب نابلس إلى خدمة الملك الصالح أيوب، على طريق بانياس. فبات بالمجدل، وكتب بطاقة إلى الصالح أيوب أنه واصل إليه، فتهيأ لملتقاه، وركب وقت السحر، وقصد دمشق. ووصل إلى عقبة دمر ووقف حتى لحقه صاحب حمص، ثم هجما دمشق، ودخلا من باب الفراديس فى ساعة واحدة، من غير مانع ولا مدافع.
ونزل الصالح إسماعيل داره بدرب الشعّارين، ونزل صاحب حمص داره.
وأصبحوا يوم الأربعاء ثامن وعشرين صفر على القلعة، ونقبوها من ناحية باب الفرج.
وكان فيها الملك المغيث فتح الدين عمر بن الملك الصالح أيوب، فاعتقله الصّالح إسماعيل بالبرج، واستولى على القلعة. ولم يكن بها ذخائر ولا نجدة. وكان الصالح أيوب قد ركن إلى أيمان الصالح إسماعيل وعهوده ومواثيقه. ولم يعلم أن الملك عقيم عقوق.
وبلغ الصالح أيوب ما جرى، وقيل له لم تؤخذ القلعة، فخلع على خمسة نفر ممن ذكر