للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشريف وصيدا وبيروت. ولم تزل فى أيديهم إلى أن فتحها الله على يد الملك الناصر صلاح الدين يوسف صاحب حلب فى سنة إحدى وخمسين وستمائة. ثم إنه صالح الفرنج أن يكون القدس بينهم مناصفة. ولم تزل كذلك إلى أن خرجت البلاد عنه، واستقر للفرنج صفد وطبرية وهونين.

قال ابن واصل: وفيها قدم القاضى بدر الدين يوسف بن الحسن الزرزارى، المعروف بقاضى سنجار، على السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، بالديار المصرية، من بلاد حماة، فالتقاه أحسن ملتقى. وكان له عنده يد متقدمة، لما أنجده بسنجار وهو محصور وقدم عليه بالخوارزمية بعد خروجهم عنه عند وفاة الملك الكامل، فخلصوه من حبائل الأسر الذى كان قد تعاين له من بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، فأحسن مكافأته، وولاه القضاء بالديار المصرية بمصر والوجه القبلى، بكماله. وكان القضاء بكماله للقاضى شرف الدين المعروف بابن عين الدولة الإسكندرى، فأبقى بيده قضاء القاهرة مع الوجه البحرى. وكان شرف الدين قد طالت مدة ولايته من أيام الكامل، وإلى هذا التاريخ.

وكان القاضى شرف الدين بن عين الدولة-مع حرمته ورياسته وسكونه-كثير المزايد، مليح الأجوبة، حسن المحاضرة، يقول الشعر الجيد، فى شعره يقول:

وليت القضاء وليت القضاء ... لم يكن شيئا توليته

فأوقعنى القضاء فى القضاء ... وما كنت قدما تمنيته

ومن زواده أن حضرت بين يديه امرأة المحاكمة فقال لها: «ما اسمك؟». قالت:

«ست من يراها!»، فوضع كمه على عينيه. وقال بعض العدول يوما بين يديه: «إن هذا المكان قليل الهواء، كثير الناموس». فقال القاضى: «هكذا ينبغى تكون مجالس الحكام».

وفيها توفى مجد الدين بن اللمطى بمنية بنى خصيب. وهو أبو الطاهر إسماعيل