للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما حدثته نفسه الخائنة، وأطماعه الكاذبة. ولم يكن له طريق إلا على بلاد الأنبرور. فلما حسّ به الأنبرور كتب كتابا إلى السلطان الملك الصالح يعرّفه بوصول الفرنسيس إليه، وهو طالب لثغر دمياط. وهذا الفرنسيس يسمى ريدافرنس. ثم قال الأنبرور فى كتابه للسلطان: «إنه قد وصل فى خلق كثير، وقد اجتهدت غاية الاجتهاد على رده عن مقصده وخوفته، فلم يرجع لقولى، فكن منه على حذر». فلما وصل كتاب الأنبرور إلى الملك الصالح احترز، وجهز الآلات برسم القتال وتحصين دمياط، وجعل الأمير حسام الدين بن أبى على مشدّا على عمارة الشوانى، ورسم لفخر الدين بن الشيخ أن ينزل على دمياط.

ولمّا كان يوم الجمعة لسبع بقين من صفر من هذه السّنة، وصل إلى دمياط مراكب سدت البحر كثرة، الفرنسيس وجموعه، لعنه الله. ولما وصل البر بالفم لم يعبره حتى نفّذ رسول، وعلى يده كتاب فيه ما هذا نسخته. يقول بعد كلمة كفرهم:

«بسم الإله النصيح، صاحب الدين الصحيح، عيسى بن مريم المسيح. أمّا بعد فإنه لم يخف عليك ولا على كل ذى عقل ثاقب، وذهن لازب، أنك أمين هذه الملّة الحنيفية، وأنا أمير هذه الملة النصرانية. وليس خفى عنك ما فتحنا من بلاد الأندلس والسبارا، وأخذنا النساء والعذارى، وفرقناهم على ملة النصارى، وجعلنا رجالهم أسارى، ونساءهم عليهم حيارى. وقد علمت ما نحن فيه من حق الرعيّة، لما فتحنا بلاد المهديّة، وعفونا على ثغر الإسكندرية، فلا تلجئ العالم إلى العسف،