للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأرضا (١) عنها زمنها وقد كان صال عليها صولة مغضب. وأعاد إليها سلما بعد أن كان عليها حربا، وصرف إليها اهتمامه فرجع كل مضيق من أمرها واسعا رحبا. ومنح أمير المؤمنين عند القدوم عليه حنوا وعطفا، وأظهر له من الولاء رغبة فى ثواب الله ما لا يخفا (٤). فأبدى من الاحتفال بأمر الشريعة والبيعة أمرا لو رامه غيره لا متنع عليه، ولو تمسك بحبله متمسك لا نقطع به قبل الوصول اليه. لكن الله ادّخر هذه الحسنة ليثقل بها ميزان ثوابه، ويخفف بها يوم القيمة (٦) حسابه. فالسعيد من خفف من حسابه. فهذه نعمة (٧) أبى الله إلاّ أن يخلدها فى صحيفة صنعه، (٦٦) ومكرمة [قضت] (٨) لهذا البيت الشريف النبوى بجمع شمله بعد أن حصل الإياس من جمعه.

وأمير المؤمنين يشكر الآن (٩) هذه الصنايع، ويعترف ان لولا اهتمامك بأمره لا تسع الخرق على الراقع. وقد قلدك الديار المصرية، والبلاد الشامية، والديار البكرية، والجزيرية، والحجازية، واليمنيه [والفراتية] (١١)، مع ساير ما يتجدد من الفتوحات غورا ونجدا. وفوّض أمر جندها ورعاياها إليك حين أصبحت بالمكارم فردا، وما جعل منها بلد (١٣) من البلاد ولا حصن من الحصون مستثنا، ولا جهة من الجهات تعدوا (١٤) فى الأعلا ولا الأدنا.

فلاحظ أمور الأمة فقد أصبحت لثقلها حاملا، وخلص نفسك اليوم من التبعات ففى غد تكون مسؤل (١٦) عنها لا سايلا، ودع الاغترار بأمر الدنيا فما نال أحد منها


(١) فارضا: فأرضى
(٤) يخفا: يخفى--الاحتفال: فى ابن عبد الظاهر ص ٣٧، والمقريزى ص ٤٥٤ «الاهتمام»
(٦) يوم القيمة: يوم القيامة
(٧) نعمة: فى ابن عبد الظاهر ص ٣٨، واليونينى ج‍ ١ ص ٤٤٥ وج‍ ٢ ص ١٠٠، والمقريزى ص ٤٥٤ «منقبة»
(٨) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص ٣٨
(٩) الآن: فى ابن عبد الظاهر ص ٣٨، والمقريزى ص ٤٥٤ «لك» --ان: أنه
(١١) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص ٣٨، والمقريزى ص ٤٥٤
(١٣) بلد: بلدا--حصن: حصنا-- مستثنا: مستثنى
(١٤) تعدوا: تعد--الأعلا: الأعلى--الأدنا: الأدنى
(١٦) مسؤل: مسئولا