للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لباسها من وصطها (١) بيده، والناس وقوف لا يجسروا ان يكلموه. فقال السلطان:

«جميع اهل الولايات يفعلوا (٢) مع الناس كدلك». فكان هدا اكبر اسباب قطعهم.

والصحيح انه وقع بعض تلك الحراميه، فاحضره السلطان بين يديه وقال له: «بحياتى، اصدقنى وانا اعفك واحسن اليك». فاعترف ان كل ما فعلوه باتفاق من نواب الولاه والمقدمين والخفرا. فقطعهم السلطان بعد ان صحح امرهم.

وفيها وردت الاخبار الى مصر بنزول التتار على البيره وحصارها. فجهز السلطان عسكرا كثيفا يقدمه الامير عز الدين ايغان المعروف بسم الموت والامير جمال الدين اقوش المحمدى (٩٦) وجماعه من الامرا. ورسم لعساكر الشام بكمالهم بالتوجه صحبه العسكر المصرى. فاجتمعت العساكر وتوجهوا حتى قطعوا الفراه (٩). وكان السلطان قد سيّر الى الامير شرف الدين عيسى بن مهنا يامره بالركوب والغاره على حران. فلما بلغ التتار قدوم العساكر وغاره العرب على حران ولوا منهزمين ورجعوا خايبين، وعادت العساكر الى الديار المصريه.

وفيها يوم السبت رابع ربيع الاخر توجه السلطان الى الشام قاصدا قيساريه.

فنزل عليها وحاصرها وفتحها عنوه بالسيف فى ثامن جمادى الاولى. وعصت قلعتها بعدها بعشره ايام وفتحها، وهرب من كان بها الى عكا، ثم اخربها حتى جعلها دكا.

وهى اول فتوحاته رحمه الله. ثم ملّك سايرا اعمالها للامرا الدين حضروا حصارها. ثم رحل عنها ونزل على ارسوف وحاصرها، وجدّ فى حصارها حتى فتحها فى يوم الخميس ثانى عشرين شهر رجب، ثم هدمها الى الارض دكا. ووصلت البشاير الى دمشق والى مصر، وضربت البشاير فى الممالك الاسلاميه.


(١) وصطها: وسطها
(٢) يفعلوا: يفعلون
(٩) الفراه: الفرات