للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومايه وثلاثه وخمسون بدنة، وتسعه ابواب-منها خمسه كبار. وجعل فيه باب من الجبل ينزل الى المدينه، وعليه قناطر تعبر عليها العالم. فلما انتهت حضر اليها الملك ورآها، فاعجبته، واكرم صناعها، ووهب لمن نزل بها ومن حولها خراج ثلث سنين، ثم بنا (٤) بها الكنايس والمعابد، واجتمع اليها العالم. وان الملك جلس فى بعض الايام فرحا مسرورا، فقال له وزيره: «لو علمت ما انفقت عليها ما كنت تسر بدلك». فانتبه لنفسه، وامر ان يعمل حساب ما نفق عليها. فكان اربعه الاف قنطار وخمسون قنطار (٧) من الدهب. ثم لم تزل فى (١١٩) تزايد عماره واثار حسنه الى حيث ظهر السيّد المسيح عليه السلام. ولم تزل فى ايدى المله النصرانيه الى هدا الفتوح (٩) الظاهرى، والله اعلم.

وحكى الرملى-رحمه الله-فى فتوح الشام الدى لخصناه فى الجزء الثانى من هدا التاريخ: ان لما بلغ ملك الروم هزيمه جنده، بين يدى خالد بن الوليد وابى عبيده رضى الله عنهما يوم اليرموك وكان بانطاكيه، نادا (١٢) فى اصحابه بالرحيل الى القسطنطينيه وسار. فلما استقل فى الطريق، عاد بوجهه نحو الشام وقال: «السلام عليك، يا سوريه، سلام مودّع لا يعتقد انه يرجع اليك ابدا»؛ وسوريه هى دمشق. ثم اقبل على انطاكيه وقال: «ويحك، ارض ما أنفعك لعدوك بكثرة ما فيك من الاعشاب والخير».

وقال البلادرى (١٧) فى كتاب فتوح المداين: ان ابا عبيده ابن الجرّاح-رضى الله عنه-لما توجه حلب صادف اهلها وقد استقلوا (١٨) الى انطاكيه وصالحوا فيها على مدينتهم. فلما ثم (١٩) صلحهم رجعوا، وسار ابو عبيده الى انطاكيه وقد تحصّن بها


(٤) بنا: بنى
(٧) وخمسون قنطار: وخمسين قنطارا
(٩) الفتوح: الفتح
(١٢) نادا: نادى
(١٧) انظر البلاذرى، كتاب فتوح البلدان (ط. القاهرة ١٩٥٦) ج‍ ١ ص ١٧٤ - - ابن: بن
(١٨) استقلوا: كذا فى الأصل
(١٩) ثم: تم