للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهى عشره مراكب. فارماها فى الفراه (١)، وركب فيها الأقجيه الجياد لكشف البر، فتراموا مع التتار.

وكان التتار قد عملوا مكيده؛ ودلك انهم تركوا المخاضه السهله وتعدوا عنها الى جانب الفراه (٤)، وصنعوا تلك الستاير. فظنوا الناس ان تلك هى المخاضه السهله. ثم ان التتار ترجلوا جميعهم من خلف دلك السيب لمنع من يطلع، وعادوا يقاتلوا (٥) رجاله. فلما عبر الجيش بكماله الفراه (٦)، فاض الماء حتى غرّق تلك الستاير، وكاد يغرّق التتار فولوا هاربين. وطلعت لهم جيوش الموحدين، مصطفّين كالجبال انافة وارتفاعا، وصادفهم الموج حتى كاد من قعقعة السلاح يصمّ منهم أسماعا، والتتار قد دعروا دعرا (٨) شديدا، وعادوا بعد اجتماعهم كلّ منهم وحيدا فريدا. فنحمد الله على ما اولا (٩)، وله المنه فى الاخره والاولى. وملك الجيش الاسلامى البر والبحر، وطلعت السناجق تنشر (١٠) بألسنة بنودها ان هلموا الى النصر. وطلع السلطان كالاسد الغضبان، ونور النصر على غرته الشريفة قد ظهر وبان. وساق الى منزلة العدو المخدول، فنزل وصلى ركعتين شكر الله على ما اولاه، وحمدا لمالكه ومولاه. وكان المقر السيفى قلاوون الالفى، والحاج علا الدين طيبرس الوزيرى قد فعلا عند (١٤) الاقتحام وفى موقف الزحام ما خلّد لهما به الدكر (١٥) الجميل والنبا الحسن الجليل، وكدلك ساير امر المسلمين وكبار الموحدين.

وتفرقت العساكر يمينا وشمالا لبدل (١٦) السيف فى ارقاب التتار الى اخر دلك النهار.

وقتل مقدمهم جنقر، واحضرت الاسارا (١٧) بين يدى السلطان (١٥٣) فى الحبال، دات اليمين ودات الشمال. والخيول تعثر برؤس ركّابها من التتار، حتى كأنّ ايدى الخيول صوالجه، والرؤس كالأكار.


(١) الفراه: الفرات
(٤) الفراه: الفرات؛ فى م ف «بالقرب منها»؛ وفى ابن عبد الظاهر، الروض الزاهر، ق ١٦١ ب، تحقيق الخويطر ص ١٢١٠ «مكان بعيد الغور» --فظنوا: فظن
(٥) يقاتلوا: يقاتلون
(٦) الفراه: الفرات
(٨) دعروا دعرا: ذعروا ذعرا
(٩) اولا: أولى
(١٠) تنشر: فى م ف «تبشر»
(١٤) عند: فى، م ف
(١٥) الذكر: الذكر
(١٦) لبدل: لبذل
(١٧) الاسارا: الأسارى