للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملتقا (١) مع العداء. فاتفقوا ان يكون فى مرج حمص. وكان قصد السلطان ان يكون فى مرج دمشق. هدا والاخبار تقوى وتتجدد بمجيهم (٢). فلما كان مستهل جمادى الاخره، خرجت العساكر اولا فاولا الى يوم الاحد سادس عشرين الشهر المدكور سافر السلطان وخرج من دمشق مع بقيه الامرا الكبار. فنزل بالمرج، وضرب مشور ثانى (٥)، وعرف الامرا ان القصاد خبروا ان التتار فى مايه الف فارس وان المصلحه تقتضى ان يلقاهم فى مرج دمشق. فلم يوافقوه على دلك.

وكان علم الدين الحلبى فى مقدمه الجيش، فركب من ساعته وتقدم، وتبعه بيسرى. وكان من كلامهم للسلطان: «إنّ نحن-ما لم تجئ-التقيناهم نحن، فان كانت لنا، رجعنا وولينا علينا من نريد، وان كانت علينا فنموت كرام (٩) مجاهدين».

ثم رحلوا يد (١٠) واحده. وكان امرا قد اوقعه الله فى نفوسهم لنصره دينه. ثم حضر الى السلطان بدر الدين بكتاش الفخرى امير سلاح، واعلمه برحيل الامرا وقوة عزمهم على الملتقا (١٢)، وقال: «من المصلحه ان تلحقهم، والى راح (٢١٦) الملك منك فى هده الساعه». فامر بالرحيل فى ساعته وتبعهم.

ووصل الى حمص، وسير طلب الامير سنقر الاشقر، فحضر اليه مع جماعه الامراء، فقام له قايما وعانقه. وجلسوا عند ضريح خالد بن الوليد-رضى الله عنه-، ووضعوا بينهم الكتاب العزيز، وتحالفوا انهم لا يودوا (١٦) بعضهم بعضا. ثم تحالفوا انهم لا ينهزمون، وانهم يموتون تحت ظلال السيوف، ولا يولون الادبار.

واخلصوا عند دلك الوقت نياتهم لله وللجهاد فى سبيله. فاطلع الله تعالى على اخلاصهم، فايدهم بنصره وبالمومنين، {وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} (١٩).


(١) الملتقا: الملتقى
(٢) بمجيهم: بمجيئهم
(٥) مشور ثانى: مشورا ثانيا
(٩) كرام: كراما
(١٠) يد: يدا
(١٢) الملتقا: الملتقى--والى: وإلا
(١٦) يودوا: يؤذون
(١٩) وكان. . . رحيما: راجع القرآن ٢٢:٦٥ و ٢٤:٢٠