للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتوجّهت الوجوه بالدعاء إلى الله سبحانه ان تبثّه (١) على ذلك بالقول الثابت، وأن ينبت حبّ هذا الدين فى قلبه كما أنبته أحسن النبت من أزكى المنابت.

وحصل التأمّل والفضل (٣) المبدأ بذكره من حديث إخلاصه إليه فى أول العمر، وعنفوان الصبا إلى الإقرار بالوحدانية، ودخوله فى الملّة المحمّدية، بالاسم والقول والعمل والنيّة، فالشكر لله على أن شرح صدره للإسلام، وألهمه شريف هذا الإلهام، كحمدنا لله على أن جعلنا من السابقين الأولين لهذا الدين، وإلى هذا المقال، والمقام، وثبّت أقدامنا فى كلّ موقف اجتهادا وجهادا، وفعلا واعتمادا.

وأما إفضاء النوبة فى الملك وميراثه بعد والده وأخيه الكبير إليه، و [إفاضة] (٨) جلابيب هذه النعمة عليه، وتوقّله الأمر بالتى (٩) طهّرها إيمانه، وأظهرها سلطانه، فلقد أورثها الله من اصطفاه من عباده، وصدّق المبشّرات له من كرامة أولياء الله وعبّاده.

وأمّا حكاية اجتماع الإخوان والأولاد والأمراء الكبار والعساكر وزعماء البلاد فى مجمع قورلتالى (١٢) الذى تنقدح فيه زند الآراء، وأنّ كلمتهم اتفقت (٢٢٨) على ما سبقت به كلمة أخيه الكبير فى إنفاذ العساكر إلى هذا الجانب، وأنه فكّر فى ما (١٤) اجتمعت عليه آراؤهم، وانتهت إليه أهواهم، فوجده مخالفا لما فى ضميره؛ إذ قصده الصلاح ورأيه الإصلاح، وأنّه أطفى (١٥) تلك النايرة وسكن تلك الثايرة. فهذا فعل الملك المتّقى، المشفق من قومه على من بقى، المفكّر فى العواقب بالرأى الثاقب، وإلاّ فلو تركهم ورأيهم حتى تحملهم الغرّة لكانت هذه الكرّة هى الكرّة. لكن هو ل‍ {مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى} (١٨) ولم يوافق قول، ولا هوى.


(١) يتبثه: يثبته
(٣) والفضل المبدأ: كذا فى الأصل وم ف؛ فى ابن عبد الظاهر ص ١١ «وللفضل المبتدأ»
(٨) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص ١١
(٩) الأمر بالتى: كذا فى الأصل وم ف؛ فى ابن عبد الظاهر «الأسرّة التى»
(١٢) قورلتالى: قورلتاى
(١٤) فى ما: فيما--أهواهم: أهواؤهم
(١٥) أطفى: أطفأ
(١٨) القرآن ٧٩:٤٠ - -قول: قولا