للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمّا الإشارة إلى أن النفوس إن كانت تتطلّع إلى إقامة دليل، يستحكم بسببه دواعى الودّ الجميل، فلينظر إلى ما ظهر من مآثره، فى موارد الأمر ومصادره من العدل والإحسان، بالقلب واللسان، والتقدم بإصلاح الأوقاف والمساجد والربط والمشاهد، وتسهيل السبل للحاج؛ فهذه صفات من لملكه الدوام. فلما ملك عدل، ولم يرجع إلى لؤم من عدى (٥) ولا [لوم من] عذل، على أنها وإن كانت من الأفعال الحسنة والمثوبات التى تستنطق بالدعاء الألسنة، فهى واجبات تؤدّى، وقربات بمثلها يبدّا (٧). وهو أكبر من أنه بإجراء [أجر] غيره يفتخر، وعليه يقتصر. إنما تفتخر الملوك الأكابر بردّ ممالك على ملوكها، ونظم ما كانت عليه من حسن سلوكها.

وقد كان والده فعل شئ (٩) من ذلك مع الملوك السلجوقيّة وغيرهم، وما كان أحد أخذ بدينه دين (١٠)، ولا دخل معه فى دين. واقرّ بهم فى ملكهم، بعد ما زحزحهم عن ملكهم (١١). ويجب عليه أنه لا يرى حقّا مغتصبا ويأبا إلاّ ردّه، ولا باعا ممتدّا بالظلم ويرضى إلاّ صدّه، حتى ان أسباب ملكه تقوى، وأيّامه تتزيّن بأفعال التقوى.

وأمّا تحريمه على الشحانى والعساكر والقراولات فى الأطراف [التعرّض] (١٣) إلى (١٤) الآخذ بالأيدى عن الأذى، وإصفاء موارد الواردين من شوايب العدا، فمن حين بلغنا أن تقدّموا بمثل ذلك، تقدّمنا أيضا بمثله، وقابلنا الجميل بالجميل من فعله. وأمرنا سائر النوّاب بالرحبة والبيرة (٢٣٠) وعين تاب بأطراف ممالكنا بالكفّ عنما


(٥) عدى: عدا--أضيف ما بين الحاصرتين من م ف، وابن عبد الظاهر ص ١٣
(٧) يبدا: يبدّى--أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص ١٣
(٩) شئ: شيئا
(١٠) دين: دينا--بعد ما: كذا فى الأصل، فى ابن عبد الظاهر «وما»
(١١) ملكهم: فى الأصل «ملكم» --ويأبا: ويأبى
(١٣) أضيف ما بين الحاصرتين من ابن عبد الظاهر ص ١٣
(١٤) إلى. . . الأذى: كذا فى الأصل؛ فى ابن عبد الظاهر «إلى أحد بالأذى» -- العدا: العدى