للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العدد (٢٣١) الواحد (١) الأول. ولو تأمّل مورد هذه الآية أنها فى غير مكانها لتروّى وتأوّل.

وعند ما انتهينا إلى جواب ما لعلّه يجب عنه الجواب من فصول الكتاب، سمعنا المشافهة التى على لسان أقضى القضاة قطب الدين، فكانت مما تناسب ما فى الكتاب من دخوله فى الدين، وانتظام عقده بسلك المؤمنين، وما بسطه من معدلة وطحسان، مشكور بلسان كلّ إنسان. فالمنّة لله على ذلك، فلا يشبها منه بامتنان. وقد أنزل الله على رسوله فى حقّ من امتنّ بإسلامه {قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ} (٨).

ومن المشافهة أن الله قد أعطاه من العطاء ما أغناه عن امتداد الطرف إلى ما فى يد غيره من أرض وماء من ممالك فسيحة تروى الظمأ، فإن حصلت للرغبة الموافقة، فالأمر حاصل. فالجواب أن ثمّ أمور (١١) متى حصلت حصلت الموافقة، وابتنى على ذلك حكم المصاحبة والمصادقة، ورأى الله تعالى والناس كيف يكون تصافينا، وإذلال عدونا وإعزاز مصافينا، فكم من صاحب وجد حيث لا يوجود الأب والأخ والقرابة.

وما تمّ هذا الدين فى صدر الإسلام إلاّ بمظافرد (١٤) الصحابة. وإن كانت له رغبة مصروفة إلى الاتّحاد، وحسن الإعتقاد، وكبت الأعادى ولأضداد، والاستناد إلى من يشدّ به الأزر عند الستناد-والرأى إليه فى ذلك.

ومن المشافهد إن كانت الرغبة ممتدّة الأمل إلى ما فى يده من أرض وماء، فلاح حاجة إلى إنفاذ المغيرين الذين يؤذون المسلمين بغير فائدة. فالجواب عنه أنه إذا كفّ كفّ العدوان، وترك المسلمين وما لهم من ممالك، سكتت الدهماء


(١) الواحد: للواحد، انظر ابن عبد الظاهر ص ١٥
(٨) القرآن ٤٩:١٧
(١١) أمور: أمورا
(١٤) بمظافرة: بمضافرة، انظر ابن عبد الظاهر ص ١٥