للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا جرم أنهم لأسنّة الندم قارعون، وعلى مقابلة إحساننا بالإساءة نادمون.

{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٢). <من البسيط>:

تدرّعوا ثوب نعى ساء ملبسه ... والمرء (٣) [يحصد] من دنياه ما زرعا.

اقتعدت بهم طلايع الضلال، فأقلعت بهم مراكب أمانيهم فى بحار الآمال.

تلك آمال خايبة، ومراكب الضنون (٥) عاطبة. من كلّ مرعى عزمه وهمومه روض الأمانى لم يزل مهزولا. هذا وقد استعدّوا للبر بمواكبه، وللبحر بمراكبه. وساروا وللشيطان فيهم وساوس تغرّهم منه الضنون (٧) الحوادس. وقد جعلوا حرمتهم على كلّ مرقب، فما وسوس الشيطان كفرا إلاّ وأحرقه الإيمان بكوكب. ومع ذلك، وعساكر المسلمين فى مواطنها رابظة (٩) آسادها فى غيل آجامها، كامنة عقبانها فى وكور آكامها. وما تزلزل لمؤمن قدم إلاّ وقدم إيمانه راسخة، ولا أثبت أحدا (١٠) لأحد حجّة إلاّ وكانت الجمعة له (١١) ناسخة. ولا عقد برجمه ناقوس إلاّ وأحلّه الأذان، ولا نطق لهم كتاب إلاّ أخرسه القرآن.

ولم تزل أخبار المسلمين تنتقل إلى الكفّار (١٣) على ألسنة جواسيسهم الفجار، واخبار الكفّار تنتقل إلى المسلمين على ألسنة الناصحين من المؤمنين، إلى أن تراءت العين بالعين، وأضرمت نار الحرب بين الفريقين، وصاح بالقوم غراب البين.

فلم ترا (١٦) إلاّ ضرب يجعل البرق نضوا، ويترك فى كلّ بطن من المشركين شلوا، إلى أن صارت المفاوز دلاصا، ومراتع الضباء (١٧) للضبا عراصا. واقتنصت آساد


(٢) القرآن ٢٦:٢٢٧
(٣) والمرء: فى الأصل «للمرء» --أضيف ما بين الحاصرتين من القلقشندى ص ٣٦١
(٥) الضنون: الظنون
(٧) الضنون: الظنون
(٩) رابظة: رابضة؛ فى المتن «كامنه» والكلمة مصححة بالهامش
(١٠) أحدا: أحد.
(١١) له: لها: انظر القلقشندى ص ٣٦١ - -برجمة: فى الأصل «ترجمة»
(١٣) الكفار: فى المتن «المسلمين»، والكلمة مصححة بالهامش
(١٦) ترا: تر--ضرب: ضربا-- البرق: فى الأصل «الزق»، والصيغة المثبتة من القلقشندى ص ٣٦٢
(١٧) الضباء للضبا: الظباء للظبى