للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى يوم الجمعه سابع عشر جمادى الاخره سنه سبع وثمانين وخمس مايه، الى حين فتحها مولانا السلطان الشهيد الملك الاشرف من المده: مايه سنه وسنه واحده (٢٧٧) واحد عشر شهر (٣) ويوم واحد.

وهده عكا يعظموها النصارا (٤) جميعهم من ساير طوايفهم فى المله النصرانيه لاجل الناصرة؛ وهى القريه التى خرج منها المسيح-عليه السلام-وامه مريم-عليها السلام.

والناصره قريه بظاهر عكا، فلهدا السبب لا يزال الفرنج يقصدونها ويطلبوا (٦) اخدها من المسلمين وتعظمونها (٧) كتعظيمهم بيت المقدس. وبها ايضا عين ماء تسمى عين البقر تزورها (٨) المسلمون والنصارا واليهود، يقولون ان البقره التى ظهرت لآدم عليه السلام فحرت (٩) عليها، انما خرجت له من هده العين. وفيها ايضا مشهد صالح النبى عليه السلام.

وكان فتحها فتحا مبينا وامرا عظيما.

وأما صور، فبقيت فى ايدى المسلمين الى سنه ثمان (١١) عشره وخمس مايه، فضعف امر المسلمين الدى (١٢) كانوا بها، وعلموا بدلك الفرنج-خدلهم الله-فتأهبوا لفتحها ونزلوا عليها وضايقوها حتى عدم القوت عند اهلها. وكان بها يوم داك ظهير الدين، فلما علم ان لا قدرة له بهم وتحقق عجزه عن حفظها، كاتب الفرنج وقرر امره معهم ان يسلمهم البلد بالامان؛ على ان من اراد الخروج منها لا يمنع ومن اراد الاقامه بها لا يكره.

ثم فتح الباب ونادى فى الناس بدلك، فخرج اهلها وقد حمل كل منهم ما قدر على حمله وترك الباقى، ولم يبق بها الا ضعيف لا يطيق الحركه. وتسلمها الفرنج، فلم تزل فى ايديهم الى ان فتحها السلطان صلاح الدين بن ايوب-حسبما سقناه من دكر دلك.

ودكرنا سبب عودها الى الفرنج بما يغنى اعادته هاهنا، والله اعلم.


(٣) شهر: شهرا--ويوم واحد: ويوما واحدا
(٤) يعظموها النصارا: يعظمها النصارى
(٦) ويطلبوا: ويطلبون
(٧) وتعظمونها: ويعظمونها
(٨) تزورها: يزورها--والنصارا: والنصارى
(٩) فحرت: فحرث--مشهد صالح النبى عليه السلام: مشهد الامام على بن أبى طالب كرم الله وجهه، ز ت
(١١) ثمان: ثمانى
(١٢) الدى: الذين--وعلموا: وعلم