للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نكروا انفسهم انهم لم يكونوا معهم لما فرط الامر. وكانوا جميعهم كلمتهم مجتمعه على بيدرا، فانه كان اوحى لهم ان السلطان يريد مسكهم باسكندريه.

فلما قضى الامر واستشهد السلطان-تغمده الله برحمته واسكنه اعلا (٣) الدرجات فى جنته-تبرأ منهم ابليس اللعين وقال: {إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ} (٤)، فتفرقت كلمتهم ولم يجتمع لهم راى. ثم انهم اختشوا غبّ ما وقعوا فيه، فملكوا من بينهم بيدرا على رغم من اكثرهم، ولقبوه الملك القاهر. قلت: لا، بل هو الملك العاهر لا القاهر. وركب فى دست المملكه، وصاح بين يديه الجاويش، وهو يوميد حسام الدين الشيرازى النقيب. ووقع النهب فى الدهليز، وعظم الصايح، وعاد الوقت كالقيامه ادا قامت. ونهبت العربان ما قدروا عليه بعد ما قتلوا وسفكوا وفعلوا كل قبيح. وعاد السلطان ملقى فى تلك الفلاة، لم يقم عنده بشر.

حكى سعد الدين كوجبا-وهو يوميد متولى الاعمال (١١) البحيره-قال: رايت فى منامى قبل هده الواقعه بمده كأنى راكب فرسى والسلطان الملك الاشرف مطروح قتيلا (١٣) بين يدى. فو الله لقد كان الامر كدلك.

(٣٠٥) ولما وصل الخبر الى القاهره غلقت الابواب، ووقع النهب من الحرافيش والسواد، وغلقت الدكاكين باسرها، واحتمى كل انسان فى منزله. وشربت الناس الما المالح من آبار القاهره، وعدم الخبز وساير الماكول، وقاسا (١٦) الناس شده عظيمه.

فنعود بالله من شر مثلها.

واما الامير حسام الدين استادار، فانه لما بلغه دلك جمع العساكر والجنايب والعصايب ومماليك السلطان من الخاصكيه الدين لم يكن لهم هوى مع غير السلطان،


(٣) اعلا: أعلى--الدرجات: فى الأصل «الدجات»
(٤) القرآن ٥٩:١٦ - - فتفرقت: فى الأصل «فتفرقرت»
(١١) الاعمال: أعمال
(١٣) قتيلا: قتيل
(١٦) وقاسا: وقاسى