للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قوى على صاحبه، فيطبخونها وياكلونها. وكانوا ياكلون الكلاب والقطاط وساير ما يجدون حتى بعضهم البعض.

حكى لى رجل عدل (٣) كان يخدم بديوان شمس الدين سنقر السعدى نقيب المماليك السلطانيه، قال: طلعت فى الغلا دات يوم الى القلعه فى صحبه حسام الدين لاجين اخو (٥) الامير المدكور. فنظرت تحت القلعه الى جماعه كبيره مجتمعين وبينهم شى.

فاتيت اليهم، فوجدت ثلاث (٦) نفر قد مسكهم متولى القاهره، واحد مع الجانداريه صغير (٧) سباعى العمر، قد قطّع يديه ورجليه، وجوف ودهن بزعفران، وقد شوى كما يشوى الجدى او الخروف. فسالت، فقيل لى: ان هولاء الثلث (٨) وجدناهم، وهدا الصغير قدامهم على ما يده عليها خلّ وبقل وليمون مالح، وهم جلوس حوله يريدون اكله. فهجمنا عليهم، وقررناهم، فاعترفوا انهم فعلوا بالامس بأخرى مثله هدا الفعل. قال العدل: فرسم بشنقهم، فشنقوا بباب زويله. ولم يصبح (٣١٩) منهم شى، بل اكلوهم (١٢) غيرهم، فكما أكلوا أكلوا، وهده من غرايب البلايا.

وكانوا يدفنون فى كل جوره واحده الميتين من الآدميين على بعضهم البعض، بغير غسل ولا كفن. ويسندون الكبار بالصغار، ويسمون الصغار التقشوم، اعنى الحجاره الصغار. واما الاغنياء من الناس، فوقع فيهم الوباء والفناء حتى بلغت الاوقيه الشراب ثلث (١٦) دراهم نقره، والفرّوج ثلثين درهم نقره واكثر واقل.

وكان للعبد-واضع هدا التاريخ-اخوين (١٧) اسنّ منه. وكان قد جرّد الوالد والاخوه والعم الى برقه فى تلك السنه معمن (١٨) جرّد، فرجعوا الجميع مرضا. فامّا الاخ الكبير، فحضّروا


(٣) حكى لى رجل عدل: فى ابن الدوادارى (درر التيجان وغرر تواريخ الأزمان، مخطوطة آل داماد ابراهيم باشا ٩١٣، حوادث ٦٩٥) «حكى لى فخر الدين الحميرى»
(٥) اخو: أخى
(٦) ثلاث: ثلاثة--واحد: وواحدا
(٧) صغير: صغيرا--يديه ورجليه: يداه ورجلاه
(٨) الثلث: الثلاثة
(١٢) اكلوهم: أكلهم
(١٦) ثلث: ثلاثة--درهم: درهما
(١٧) اخوين: أخوان
(١٨) معمن: مع من--مرضا: مرضى