للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدثنى الامير بهاء الدين ارسلان الدوادار-رحمه الله-وكان بينى وبينه اخوه من حال الصغر، قال: لما كان يوم الاربعا تاسع ربيع الاخر من هده السنه انقطع منكوتمر دلك اليوم عن الخدمه وادعى انه متوجع. (٣٣٠) وركب السلطان يوم الخميس، ولم يركب منكوتمر. واطّلع السلطان على ان ما به وجع (٤) الاّ تغير خاطر وتشويش باطن. فلما طلع السلطان الى القلعه بعد الركوب، طلب سيف الدين سلار-وكان يوميد امير مجلس وكان يعرف بالحاج سلار-فقال له: «يا حاج اشتهى تروح الى هدا الصبى العقل منكوتمر، وتقول له ما سبب انقطاعك وتعبيسك ودخولك معبس (٨) وخروجك كدلك؟ قد فوضت اليك ساير الامور، وانا معك شبيه الماسك البقره وانت تحلبها، فايش هده الفعايل وهدا الخلق الردى (١٠)». قال [الأمير بهاء الدين]: فتوجه اليه سلار وبلغه الرساله. فقال له منكوتمر: «يا حاج، كيف لا اعبس وروحى وروحه رايحه، والله قد اتفقوا على قتله وقتلى بعده». فقال سلار: «يا خوند، فان سالنى السلطان من هم، من ادكر؟» وكان هدا من سلار مكر (١٣) بمنكوتمر، فانه كان يعلم منه الصبى وقله العقل.

فقال له منكوتمر: «وما تتعرفهم، يا حاج، هم فلان وفلان وفلان»، وعدّد جماعه، ثم قال: «وانت والله، يا حاج، معهم ومطلع على جميع امورهم». فقال سلار:

«لا حول ولا قوة الاّ بالله العلى العظيم، ادا كان الامير يتهمنى انا ايضا، فكيف العمل». وخرج من عنده، واعاد الرساله على السلطان، وقال عن نفسه ايضا. فقال السلطان: «وهم من صبيته ايضا اتهامك انت، يا حاج، فما علمتك الا شفوق ناصح (١٨)».

قال: فقبل الارض وخرج اجتمع بالامرا وقال لهم: «تعشوا به قبل ان يتغدى بكم، والسلام». يقول بهاء الدين ارسلان صاحب هدا النقل، وكان يوميد بشمق دار (٢٠) عند الامير سيف طقجى ومطلع (٢١) على (٣٣١) جميع الاحوال.


(٤) وجع: وجعا
(٨) معبس: معبسا
(١٠) الردى: الردئ
(١٣) مكر: مكرا
(١٨) شفوق ناصح: شفوقا ناصحا
(٢٠) بشمق دار: بشمق دارا
(٢١) ومطلع: ومطلعا