وسألتها ملء المحاجر نظرة ... منّى عساها أن ترقّ وترحما
قالت لو انّ الشيب من نور الهدى ... ما كنت أكحل منه عينى من عما
أنا ما رضيتك بالمشيب ملثّما ... أرضاك منه ملثّما ومعمما
فرجعت مكاوم الحشى لكلامها ... وجوانحى تبكى الدماء على الدما
وروى أيّها الملك أن لمت نفر من المسلمين وفدوا على ملك الروم أحدهم قد خضّب بالوشمة والآخر بالحناء، والآخر تركها بياضا، فأعطى الذى خضّب بالوشمة عشرة آلاف درهم ولأبيض اللحية خمسة آلاف درهم ولم يعط الخاضب بالحناء شيئا، فسأله فى ذلك فقال: أمّا صاحب الوشمة فإنّه لما بلى تحيّل وأحسن الحيلة فى ردّ لون شبابه، وأمّا الأبيض اللحية فإنّه لمّا بلى صبر ولم يغير وأمّا أنت فلا صبرت ولا أحسنت.
وروى أنّ الأوزاعى وهو أبو عمرو عبد الرحمن بن عمرو بن محمّد الأوزاعى رحمه الله كان يخضّب بالحناء، ولمّا دخل على ملك كابل قال للترجمان: قل له:
ما هذا الذى أراه؟ فقال: هذه سنّة نحن (٣٢٤) نستسنّها عن آبائنا وجدودنا، فقال: قل له: ما أعرف ما السنّة إلاّ كان ينبغى لو خلقتم على هذه الصورة لغيّرتموها!
ومن أحسن ما سمعت فى الخضاب: لابن الحسين الحزارمورا (من الوافر):
وقالوا فى الخضاب عليك عار ... فقلت دخلتم بينى وبينى
أدبّر لحيتى مادمت حيّا ... وأعتقها ولكن بعد عينى
فقال الملك: فما قيل فى ذمّ الخضاب ليكون آخر هذا الباب؟