للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى يوم الخميس توجّه الشيخ تقىّ الدين بن التيميّة إلى مخيّم بولاى مقدّم التتار يسأل فى المأسورين، وكانوا خلقا (٢) كثيرا. وتحدّث بولاى فى أمر يزيد بن معاوية مع الشيخ، وسأله: هل يجوز لعنته أم لا؟ -ففهم الشيخ أنّ فيه موالاة، فكلّمه بما لاق بخاطره بغير شى يكره. فقال: هؤلاء أهل دمشق هم قتلة الحسين بن علىّ صلوات الله عليه. فقال له الشيخ:

إنّه لم يكن من أهل دمشق من حضر قتلة الحسين عليه السلام (٦)، وقتل عليه السلام بأرض كربلا من العراق. فقال: صحيح. وكانوا بنو أميّة خلفا الدنيا، وكانوا يحبّون سكنى الشأم. فقال الشيخ: وماذا يلزم من ذلك فى قتلة الحسين، وهذه الشأم ما برحت أرضا (٩) مباركة ومحلّ الأوليا والصلحا بعد الأنبيا صلوات الله عليهم. -ولم يزل به حتى سكن غضبه على أهل الشأم. ثمّ ذكر للشيخ أنّ أصله مسلم من أهل خراسان. وجرى بينه وبين الشيخ كلام كثير

وفى عشيّة السبت رابع الشهر صحّ أنّه لم يبق بالطرقات ولا فى ضواحى دمشق أحد من التتار. ونودى بذلك، فاستبشر الناس بذلك. فسافرت الناس يوم الخميس إلى تاسع الشهر حصل تشويش بسبب رجوع طايفة من التتار.

وكان الناس قد خرجوا إلى غياض السفرجل، فرجعوا مسرعين فزعين.

ونهب بعضهم ورمى بعضهم نفسه فى النهر

وحصل للناس تشويش أيضا يوم الأربعا خامس عشر الشهر، وخرج الأمير سيف الدين قبجق وطلب الأبواب الشريفة السلطانيّة والناصريّة أعلاها الله تعالى، وصحبته الأمير سيف الدين بكتمر السلحدار وبقيّة الأمرا.

وعادت دمشق خالية بغير من يحكم فيها. فنودى فى البلد من جهة أرجواش:


(٢) خلقا كثيرا: خلق كثير
(٦) السلام: السلم
(٩) أرضا: ارض