للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يرمى بندقا (١) فى سنة أربع وسبع ماية فى الليل، وأنا أسمع، قال عن نفسه:

أنا كسبت فى فرد صنف واحد سبع ماية ألف درهم نوبة غازان.

اشتريت الذهب سعر ثمانية عشر درهم الدينار، وأبعته بعد ذلك بخمسة وعشرين الدينار، فشريت ماية ألف دينار، كسبت فيها سبع ماية ألف درهم. -وهذا سنقر شاه المذكور الذى كان سبب سعادة الأمير سيف الدين بكتمر الحاجب، فإنّه كان مدّعى أنّه أخوه. فلمّا مات سنقر شاه أوصى (٧) بجميع ماله للأمير سيف الدين بكتمر الحاجب. وكان سنقر شاه المذكور يتّجر فى كلّ صنف

ولنعود إلى سياقة الكلام! واستعدّت الناس وخرجوا فى ركاب مولانا السلطان عزّ نصره، وقد أباعوا أنفسهم لله تعالى بالجنّة وهى دار الأبد، وخرجوا وقد خرجوا عن المال والولد. فعرف الله عزّ وجلّ صدق نيّاتهم، فمحا عنهم سيّئاتهم، وكشف عنهم تلك النوازل والكرب، وأرمى فى قلوب أعدايهم الرعب والرهب، حتى لم ينجيهم غير الهرب!

وذلك لمّا سمعوا بعود العساكر المنصورة، فى أحسن زىّ وأليق صورة، تعجّبوا لذلك كلّ العجب، وتهيّوا للهرب، لينجوا من العطب. فإنّ عادة التتار إذا كسروا لم ينجبروا إلاّ بعد مدّة كبيرة، وأخذتهم لذلك الحيرة، وأرمى الله تعالى فى قلوبهم الرعب. فولّوا الأدبار، وتركوا لأهلها الديار، ورجعوا إلى بلادهم قاصدين، وعلى أرضهم واردين.

وضرب بهزيمتهم عند ذلك المثال {وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ} (١٩) وتوجّهوا الأمرا الذين كانوا مقفرين، إلى خدمة ركاب مولانا السلطان طايعين، وفى إحسانه طامعين، وبجوده إليه متشفّعين. فأحسن إليهم وأقبل


(١) بندقا: بندق
(٧) أوصى: وأوصى
(١٩) السورة ٣٣ الآية ٢٥