للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ينظرون الشمس. وانقطع الجالب للأوحال العظيمة بالطرقات. ووقع الغلاء الزايد حتى بلغ الحمل التبن الذى أكثره تراب لا ينتفع به أربعين درهما، وخمسين درهما، ولا كان يحصّل إلاّ بالدبابيس وأىّ من قوى أخذه. ولم يقدروا على الوصول إلى دمشق البتّة

هذا ما جرى للجيوش الإسلاميّة. وأمّا التتار، فإنّ غازان لم يزل على طغيانه وسيره حتى نزل على مصطبة السلطان بحلب. ووصل يزكيّته إلى قرون حماة وإلى بلاد سرمين والمعرّة. ونفذ أكثر الجيوش إلى بلاد أنطاكيّة وجبال السماق، فنهبوا من تلك النواحى شيئا عظيما (٨) من الأغنام والأبقار، وسبوا عالما عظيما (٩) من النسا والأطفال. وذلك أنّه فى سنة تسع وتسعين كان قد التجأ (١٠) إلى هذا الجبل عالم كثير واختلفوا فيه ولم يشعروا بهم التتار ولا قصدهم منهم أحد. فلمّا كان هذه السنة طلع إلى هذا الجبل أكثر من تلك العالم بأضعاف، طمعا فى السلامة بالنسبة إلى تلك السنة. فلمّا أقام غازان ببلاد حلب سيّر أكثر الجيوش، ففعلوا ما ذكرناه بحيث أباعوا الأسير بعشرة دراهم (١٤). واشترى صاحب سيس منهم خلقا كثيرا. وأوسقوا مراكب، وسيّروهم إلى بلاد الفرنج بالجزاير. ثمّ أرسل الله تعالى على التتار من الأمطار والثلوج بحيث أقامت عليهم أحدا وأربعين يوما ليلا ونهارا.

وذكر أن وقع عليهم ثلج أحمر لم يعهدوا بمثله. وتلف من جيوش التتار خلق عظيم، ولحق الدوابّ الذين لهم طابق كثير. ورجعوا إلى بلادهم أنحس


(٨) شيئا عظيما: شئ عظيم
(٩) عالما عظيما: عالم عظيم
(١٠) التجأ: التجا
(١٤) دراهم: الدراهم--خلقا كثيرا: خلق كثير