للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لتحصر الماء المرتفع من الأرض بين أغوارها وتمنعه من السيلان وتمنع الرياح أن تسوقها، فيبقى فيها محفوظا إلى أن يلحقه البرد زمان الشتا فيجمّده ويعصره فيصير ماء. ثمّ ينزل مطرا أو ثلجا، والجبال فى أجزايها مغارات وأودية (٤) وأوشال وكهوف، فتقع على قللها الأمطار والثلوج، وتنصبّ إلى تلك المغارات والأوشال، وتبقى فيها (٥) مخزونة وتخرج من أسافلها من أماكن تسترقها من منافذ ضيّقة، وهى العيون التى تكون فى الجبال وأسفاحها، فيسيح منها على وجه الأرض، فينتفع به الحيوان والنبات، وما فضل منه ينصبّ إلى البحار. فإذا فنى ما استفادته (٨) من الأمطار والثلوج لحقتها (٩) نوبة الشتا، فعادت إلى ما كانت عليه. ولا يزال هذا دأبها إلى أن {يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَهُ} (١٠) والله أعلم

وفيها ظهرت نار عظيمة بأرض الشأم والسواحل، وعمّت جميع أرض الشأم مع السواحل والأغوار وبلاد حوران وزرع وأذرعات، وجفل منها السباع وجميع الوحش. وكانت إذا مرّت بشى من الزراعات أو من الأشجار المثمرة لا تؤذيه. ولقد ذكر لى بعض فلاّحى قرية خسفين الجولان من أرض حوران: أنّهم كانوا يرون هذه النار وهى على رءوس الشجر وأعلى الزرع ويخشون منها على الأثمار وعلى الزروعات فلم يحصل منها أذى ولله الحمد


(٤) وأودية: واهويه، مصحح بالهامش--فتقع زق: وتقع
(٥) فيها زق: فيه
(٨) استفادته زق: استفاد
(٩) لحقّها زق: لحقها--هذا: +زق
(١٠) السورة ٢ الآية ٢٣٥