للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان موجب خروج الوالد إلى العربان لوجهين: لانكسار خيل البريد وقلّة اكتراثهم بمن يخرج إليهم من الأمرا وغيرهم، ولأجل أنّهم كانوا إذا توفّى منهم أحد دخلوا إلى ديوان العربان وصانعوه بشئ وركّبوا اسما (٣) على اسم بغير الرسم المقرّر. فاطّلع نايب السلطان الأمير سيف الدين سلاّر على ذلك، وتحقّق أنّ أىّ من أخرجه من الأمرا دخلوا عليه وقدّموا له الخيول والجمال والأغنام، فلا يظهر السلطان بعد ذلك على شى. وكان يعرف الوالد من أيّام الشهيد الملك المنصور والشهيد الملك الصالح، ويتحقّق منه الأمانة والتصميم (٧) على حفظ مال السلطان، فألزمه بذلك صورة كشف وتعوّد. ثمّ درّجه حتى ولاّه الأعمال الشرقيّة مضافة للعربان بأمره. فاستقرّ إلى حين عودة الركاب الشريف من الكرك المحروس ثالث مملكة. فاعتفى من الولاية، فأعفاه مولانا السلطان، عفى الله عنه فى الدنيا والآخرة، وخيّره بين الإقامة بمصر أو الشأم، فاختشى أن يستدركوا فيه الفارط، ويعود إلى الولاية. فطلب الشأم فتصدّق عليه بإمرة بالشأم، ورتّب مهماندارا بالشأم المحروس. ثمّ لمّا تولّى الأمير سيف الدين كراى المنصورىّ نيابة الشأم كاتب فيه وأضاف إليه شادّ الدواوين بدمشق اغتصابا لا اختيارا منه. فأقام إلى أن تولّى الأمير جمال الدين نايب الكرك نيابة الشأم، فاستعفى، فأعفى فى حديث طويل جرى عليه من الدماشقة. وأرادوا قتله، فسلّمه الله تعالى بنيّته المباركة. وعلى الجملة إنّه أقام فى الأعمال الشرقيّة إحدى عشرة سنة، وأضيف إليه بها نظر قطيا وأشمون الرمّان. ولمّا توجّه إلى الشأم لم يكن معه ما يصلح به حاله للسفر حتى أباع ملكه سكنه بثمانية عشر ألف درهم وتجهز بها حتى خرج إلى الشأم. ولمّا توفّى رحمه الله بدمشق


(٣) اسما: اسم
(٧) والتصميم: والتصمم