للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العصر حضر إلينا ناصر الدين محمد بن المهمندار نايب الوالد فى المهمنداريّة، وهو فى أشدّ شوق. وكان الوالد فى تلك الساعة الذى نزل من الركوب وفارق كراى من القصر الأبلق، فإنّه كان حديث العرس ببنت قبجق ونزل بها بالقصر الأبلق، والدنيا قد زخرفت له، وصفت له الليالى من العكر، وعند صفوها حصل الكدر (٥). ثمّ إنّ نايب المهمنداريّة قال:

قد وصل فى هذه الساعة الأمير سيف الدين أرغون من الأبواب العالية على البريد المنصور. -فقال الوالد: ولم لا وصلت البطايق به؟ -فقال:

لا أعلم. -فقال الوالد: لا تكن البطايق بغير تدريج. -فقال:

يا خوند، ما عرفناهم قبل اليوم إلاّ (٩) واصلين إلينا قبل كلّ بريد يصل. - فركب الوالد على فوره والمملوك صحبته، وأتينا المهمانخاناه التى ظاهر القصر الأبلق. فوجدنا الأمير سيف الدين أرغون قد نزل بها. فدخل إليه الوالد وسلّم عليه. فشرع يدمدم على الوالد ويقول: نجى إليكم ما يخرج أحد إلينا ولا تلتفتوا. -فقال: يا خوند، ما علمنا. -فقال: فقد بطّقت لكم. -فقال: ما وصل إلينا شى. -فقال: همّ من نحس المباشرة. - ولم يكن بطّق شيئا (١٥)، ومنع من ذلك. ثم أحضرنا له العادة من المأكول والمشروب، فادّعى أنّ فؤاده يوجعه، وطلب طستا (١٦) وعاد يتقيّأ، وخرجنا من عنده، وأتينا إلى كراى، فقال: يا جمال الدين، كيف يجى مثل الأمير سيف الدين أرغون ولا تعلمونا؟ -فقال: يا خوند، ما جاءنا بطايق ولا علمنا به حتى حضر. -فقال: سيّر غدا أحضر البرّاج وأدّبه على هذا الحمام النحس. -ثم قال: ما علمت فى أيش جا؟ -


(٥) حصل الكدر: بالهامش
(٩) إلا: الى
(١٥) شيئا: شى
(١٦) طستا: طست