للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال إسحق: فو الله، لم تتمّ الجارية هذا الشعر إلاّ والمأمون قد نظر إلىّ نظرة كدت أموت فرقا. وصرخ وقال: إسحق! -فقمت قايما وقبّلت الأرض وقلت: لبّيك، يا أمير المؤمنين. -فلمّا نظرت الجارية إلى ذلك نهضت كالغزال النافر ودخلت بعض المقاصير. فقال المأمون: لمن هذه الدار؟ -فقلت: لا علم والله لعبدك، يا أمير المؤمنين. -فقال:

علىّ بصاحبها الساعة هاهنا! -قال: فخرجت، فأجد العجوز والجوارى (٦) فى دهليز المكان وهنّ يرعدن لمّا تحقّقوا الأمر. فقلت: ويلكنّ، لمن الدار؟ -فقلن: لعبد أمير المؤمنين الحسن بن سهل. -فقلت: ليحضر الساعة! وعرّفوه من محلّه. -قال: فلم يكن بأسرع أن حضر وهو يرعد كالسعفة. فقبّل الأرض بين يدى المأمون، فقال له: يا حسن، ما هذه الجارية منك؟ -فقال: أمة أمير المؤمنين ابنتى. -فقال: بكر أم ثيّب؟ -قال: بل بكر عذرا، يا أمير المؤمنين. -قال: أزوجنى إيّاها. -قال: فقبّل الأرض وقال: هى من بعض الإماء، يا أمير المؤمنين. -قال: فأخذ يده عليها فى تلك الساعة. -وقال: أصلح من شأنها وليكون العقد فى الملأ (١٥) العام. -ثمّ فتح لنا باب السرّ وخرجنا إلى قصر الخلافة. فهذا كان سبب زواج بوران بالمأمون

ومن رواية صاحب «العقد» إلى حين الخبر مع إبليس رواه الثعالبىّ فى كتاب «لطائف المعارف» فذيّلته على الحكاية هاهنا، ولم أذيّل بقيّة الحكاية فى كتابى «أعيان الأمثال». وقد بقى ممّا رواه الثعالبى فى بيان الأشعار التى فى هذه الحكاية وممّا رواه أيضا أبو الفرج صاحب «كتاب الأغانى» الكبير الجامع ما العبد ذاكره. ثمّ بعده أذكر تتمّة الخبر فى الزواج والمهمّ الذى لأجله أوردنا هذه الحكاية العجيبة لتكملة الفايدة لما رويناه إنشاء الله تعالى


(٦) والجوارى: والجوار
(١٥) الملأ: الملاء