للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ} في النار، ومعناه كمن ليس بقانت؟

فإن قيل: فكيف قطعوا على بني آدم بالفساد وما رأوهم، وذكر الغائب غيبة؟ وهل علموا الغيب حتّى قالوا ذلك؟ فالجواب من وجوه، أحدها: ما روي عن ابن عبّاس، أنّه قال: لما قال {إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ}، قالوا: وما يكون من ذلك الخليفة؟ قال: ذرّيّة يفسدون في الأرض ويتحاسدون، ويقتل بعضهم بعضا. فقالوا عند ذلك: {أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ}؟ والثاني: أنّهم قاسوا على فعل من تقدّمهم من الجنّ الذين أفسدوا في الأرض، فقاسوا بالشاهد عن الغائب. الثالث: كان لهم علم التجربة وعلم الفراسة والظنّ، فتحقّق ظنّهم. والرابع: أنّه لمّا أخبرهم بوجود هذا الخليفة وأنّه مخلوق من الطبائع الأربع المختلفة، والهوى والغضب إنّما يثوران من الحرارة، والهوى يفسد والغضب يسفك، فحكموا بذلك. والمراد بالفساد: العمل بالمعاصي، وسفك الدم: صبّه وإراقته، والتسبيح: التوبة لله من كلّ سوء، والتقديس: التطهير، والمعنى: ننزّهك ونعظّمك.