ولم تحتملها، بخلاف آدم لأنّه كان قويّا. والثالث: أنّها عوقبت بما يليق بها من الحيض وأمثاله، وهنّ عشرة خصال كما يذكر منهنّ.
فإن قيل: فآدم وحوّاء اشتركا في المعصية، فلم لم تذكر معه في التوبة؟ فالجواب من وجهين، أحدهما: أنّ العرب إذا كان فعل الاثنين <واحدا> جاز أن يذكر أحدهما، ويكون المعنى لهما، لقوله:{وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ}، وكقوله:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ} ونحو ذلك.
وقد قالت المعتزلة وجهم بن صفوان: إنّ الجنّة التي سكنها آدم إنّما كانت بستانا من بساتين الدّنيا في جزيرة سرنديب، ولهذا يسمّى آدم السرنديبيّ، واحتجّوا بقوله تعالى:{وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ} فمن دخلها يستحيل عليه الخروج منها، (٣٧) لأنّها دار راحة، لا يكون فيها ابتلاء ومحن. ولنا أن نقول: إنّ الله وصف الجنّة التي أخرج منها آدم بأوصاف لا تكون لبساتين الدنيا، على ما ذكرناه فيما تقدّم. وأمّا الآية، فآدم ما دخلها للثواب، ومن دخلها للثواب لا يخرج منها أبدا. ألا ترى أنّ رضوان وبقيّة الخزّان يدخلونها ويخرجون منها؟ وقولهم: دار راحة، قلنا: ودار تكليف <لإجماعنا على أنّهم مكلّفون> فيها بمعرفة الله، عزّ وجلّ.