الدرمشيل بن محويل، فشدّد الدرمشيل عبادة الأصنام وأعلا أمرها وجمع الناس إليها وأخذهم بالتعبّد لها. فأظهر نوحا، عليه السلام، دين الله تعالى، وكان يدور بحاله وأسواقه يدعوا الناس إلى عبادة الله تعالى وترك الأصنام. وكانوا يطوون ذلك عن ملكهم ويزجرون نوحا ويهزلون به، وهو مع ذلك يدعوهم إلى الله عزّ وجلّ، إلى أن انجلت قضيّته وظهر أمره وشاع وعلن وفشا ذكره في الناس، تخاطبوا في أمره إلى أن وصل ذلك بملكهم، فأحضره وانتهره وقال: لا تعاود ذكر ذلك.
وقيل: إنّ الذي فعل ذلك هو محويل الملك قبل وفاته، وأنّه سجن نوحا. فلمّا ملك الدرمشيل أخرجه من السجن وتقدّم إليه أنّه لا يعاود في ذلك.
وكان لأصنامهم في كلّ سنة عيد عظيم، لكلّ صنم منهم يوم من السنة. فاجتمع الناس على عيد من أعيادهم، فأتاهم نوحا، عليه السلام، وقام في وسطهم، وكان ذلك عيد صنمهم الأكبر يغوث، وقال: قولوا:
لا إله إلاّ الله. فوضعوا أصابعهم في آذانهم وأدخلوا رؤوسهم في ثيابهم، وسقطت الأصنام عند نداء نوح، عليه السلام، (٥٢) عن كراسيّها، فوثبوا إليه ثمّ ضربوه وشجّوه حتّى سقط على وجهه وجعلوا يسحبونه إلى قصر الملك. فأدخلوه إليه، وكان في مجلس مصفّح بالذهب، ملوّن بجميع الألوان. فلمّا مثل بين يديه قال: إلى كم أحسن إليك وأنت تأبى إلاّ