بمعزل، وجعل بينهم حاجزا من تراب. فلمّا كان الليل تخطّا حام ذلك التراب ووقع على أهله. فلمّا كان الغد رأى نوح الأثر، فقال: سوّد الله نطفة من فعله، ولم يعلم أنّه ولده، فأدركته الدعوة، فولدت زوجة حام غلاما أسودا فسمّي كوشا. فهو أوّل أسود كان بالدنيا. وربّما أنّ هذا الكلام يقع في النفس، (٥٧) بخلاف غيره، والله أعلم.
ثمّ إنّ حام أراد قتل زوجته، لمّا رآه أسودا، فمنعه سام ويافث، وذكّراه بدعوة أبيه، فكفّ عن ذلك.
وقال آخرون: إنّ أوّل مولود ولد لحام هو كنعان. وقيل: إنّ بنوا نوح تحاملوا على بعضهم البعض بسبب قسمة الأرض، وتفرّقوا، ووقعت العداوة بينهم من ذلك العهد.
وكان آخر أمر حام أنّه هرب إلى ناحية مصر، وتفرّق بنوه، ومضى على وجهه يؤمّ المغرب حتّى انتهى إلى الغرب الأقصى، إلى موضع يعرف اليوم أصيلا، وهو آخر مرسى المراكب من بحر الأندلس إلى ناحية القبلة، وليس بعده للمراكب مذهب.
ويقال: إنّ بنوه اغتمّوا لمفارقته، وندموا على تركه، فخرجوا في أثره يطلبونه في النواحي التي أمّها.
ويقال: إنّ طائفة منهم وقعوا عليه وصاروا عنده إلى أن مات، وقطنوا بعده تلك الديار، وتناسلوا فيها، وهم أصناف السودان. وكلّ طائفة من