قال: فإنّه يقول: إنّك أخته. قالت: صدق؛ أنا أخته في الدين، وكلّ من كان على ديننا فهو أخ لنا. قال: نعم الدين دينكم. ووجّهها إلى إبراهيم بعدما أنفذها لابنته حوريا. فأضافتها أحسن ضيافة، ووهبت لها هاجر لخدمتها. وكان هاجر ابنة ملك عين شمس، وأغار عليهم هذا الملك، وأخذها، وكانت عنده بمنزلة ابنته حوريا. فلم تجد حوريا عندها أعزّ من هاجر، فأهدتها لسارة، ووهبت لها مالا وجوهرا. فقالت سارة لإبراهيم، فأمرها أن تردّ ذلك المال والجوهر، فردّته.
وذكرت <حوريا> ذلك لأبيها. فتعجّب منه، وقال: إنّ هؤلاء لكرام من أهل بيت طاهر. فتحايل الملك في برّهما بكلّ حيلة، حتّى صنع لهما سلاّ وجعل فيه حلوا ومأكولا وجعل المال والجوهر في أسفل السلّ، وقال: ليكون هذا برسم زوّادتكما. فقبلاه على أنّه مأكولا؛ وخرج إبراهيم، عليه السلام. فلمّا أبعدوا وأمعنوا في السير، أخرجت سارة بعض السلال، فوجدوا فيه ذلك المال. فحفر منه البئر التي جعلها للسبيل، وفرّق بعضه في وجوه البرّ. وكان يضيف كلّ من مرّ به حتّى كنّي أبا الضيفان. (١٤٧) وادّخرت منه سارة لولد كان لها قبل إسحاق، عليه السلام.
وعاش طوطيس الملك إلى أن وجّهت إليه هاجر من مكّة تعرّفه أنّها في مكان جدب وتستعينه. فأمر بحفر نهر في شرقيّ مصر، بسفح الجبل، حتّى انتهى إلى مرفأ السفن في البحر المالح. وكان يحمل إليها الحنطة وأضاف الغلّة، فتصل إلى جدّة وتحمل من هناك على الظهر. فأحيت بلد الحجاز بعدما كان قحط.