فقتلت الجميع كيما لأطفي ... بدمائهم ناري فزدت سموما
ليتني كنت قبل فقد بني بد ... ر قتيلا أو قد فقدت النّعيما
لطموا داحس حذر السّبق ... لقد كان داحس مشوما
ظلمونا بفعلهم وظلمنا ... معشرا كان يومهم محتوما
فلمّا فرغ قيس من شعره، طلع إليه حصن بن حذيفة وارتما على أقدامه يقبّلهما ويبكي، وقد انخلع قلبه ممّا عاين في قومه، وكان صبيّا. ثمّ نادا: يا عمّاه، (٢٧٨) بدم أبيك زهير وأخيك مالك، إن كان قلبك بعد ما اشتفا، وقد عوّلت أن لا تبقي منّا أحدا، فاذبحني أنت بيدك لعلّ تشتفي كبدك. ثمّ سلّم إليه سيف أبيه حذيفة، وانضجع قدّامه على التراب. فلمّا عاينه قيس كذلك، صاح: واكرباه يا ابن الأخ! وضمّ حصن إلى صدره وصار يقبّله ويبكي ويقول: والله لو فعلت هذا الفعال قبل قتل أبيك وأعمامك ما كان نالهم هذا المنال، ولكن جرى عليهم حكم القضاء، وأنت المقدّم عليهم بعد أبيك. ثمّ عادوا إلى ديارهم وهم لا يغبّوا على طريق.
وهذا آخر ما وقعت عليه من أخبار حرب داحس، رواية الأصمعيّ، والله أعلم.