للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا تشمّت بي الأعداء من أحياء العرب، فإنّ أبي كان سيّد قومه؛ كان يفكّ العاني ويحمي الديار ويفرّج عن المكروب ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يطلب إليه أحد قطّ حاجة إلا قضاها. أنا ابنة (٢٩٠) حاتم الطائيّ.

فقال سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يا جارية، هذه صفة المؤمن؛ لو كان أبوك إسلاميّا لترحّمنا عليه. «خلّوا عنها، فإنّ أباها كان يحبّ مكارم الأخلاق».

وذكر أنّ سفّانة كانت أجود نساء العرب.

وقيل: إنّ النّعمان بن المنذر جلس يوما فقال لحاجبه: انظر من بالباب. فنظر ثمّ عاد، فقال: بالباب حاتم طيء وأوس بن لام. فقال النّعمان: ما رأيت كاليوم قطّ، ورد عليّ شريفا العرب-أو قال: العراق- وليس في بيت المال ما يرضيهما. ثمّ قال لحاجبه: ائذن لحاتم من حيث لا يعلم أوس. فدخل حاتم. فقال له النّعمان، بعدما أجلسه وآنسه: أيّما أشرف أنت أم أوس؟ قال: أوس أشرف منّي. قال: كيف؟ قال: لقول الشاعر (من الوافر):

فما وطئ الحصا مثل ابن سعدي ... ولا لبس النّعال ولا احتذاها

إذا ما المكرمات ذكرن يوما ... فقصّر مبتغوها عن مداها

وإن ضاقت يد المثرين عنها ... سما أوس إليها فاحتواها

فعزله النّعمان ناحية، ثمّ أمر بإحضار أوس. فلمّا جلس واستأنس، قال له النّعمان: أيّما أشرف أنت أم حاتم. فقال: حاتم أشرف منّي. قال:

وكيف؟ قال (من الوافر):

أرى نفسي تتوق إلى أمور ... يقصّر دون مبلغهنّ مالي

فنفسي لا تطاوعني لبخل ... ومالي لا يبلّغني فعالي