ورقة بن نوفل فقال:«رأيته في المنام وكأنّ عليه ثيابا بيضا فقد أظنّ لو كان من أهل النار لم أر عليه بياض».
وعن عائشة، رضي الله عنها: إنّ خديجة بنت خويلد، رضي الله عنها، انطلقت بالنبيّ صلى الله عليه وسلّم، حتّى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد، وكان ابن عمّ خديجة، وكان امرءا قد تنصّر في الجاهليّة، وكان يكتب الكتاب العربيّ فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء أن يكتب، وكان يوم ذاك شيخا كبيرا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عمّ، اسمع من ابن أخيك. قال ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، خبر ما يرا. فقال ورقة:
هذا الناموس الأعظم الذي أنزله الله على موسى وعيسى، يا ليتني فيها جذع أكون معك حين يخرجوك قومك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم:«امخرجيّ هم؟» قال ورقة: لم يأت رجل قطّ <بمثل> ما جئت به إلاّ عودي، وإن يدركني قومك لأنصرنّك نصرا مؤازرا، ثمّ لم ينشب ورقة أن توفّي.
قلت: قد قصصنا ذكر ما اشترطنا من إثبات من حضرنا من المبشّرين (٣٥١) من الجاهليّة الأوّلين، ولنذكر الآن طرفا من الكهّان المختصّين بالعرب في ذلك الزمان، ونتلوا ذلك بما جاء به حديث رسول ربّ العالمين، في عدد الأنبياء والمرسلين، صلوات الله عليهم أجمعين، وكذلك ذكر الكتب المنزلة المعظّمة المبجّلة، ونختم هذا الجزء الأوّل من هذا التاريخ، بذكر ما كانت سائر الأمم عليه من التواريخ سياقة إلى عام الفيل، مولد النّبيّ الكريم الجليل، قرّة عين آدم وإبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلّم ما