المعني -والله أعلم- حظكم وما نابكم من شر معكم؛ بسبب أفعالكم وكفركم ومخالفتكم الناصحين، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا، بل ببغيكم وعداوتكم.
فطائر الباغي الظالم معه، فما وقع به من الشرور فهو سببه الجالب له، وذلك بقضاء الله وقدره وحكمته وعدله، كما قال الله تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[القلم:٣٥ - ٣٦].
ويحتمل أن يكون المعنى: طائركم معكم: أي: راجع عليكم.
فالتطير الذي حصل لكم إنما يعود عليكم، وهذا من باب القصاص في الكلام، ونظيره قوله عليه الصلاة والسلام:(إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم) ذكره ابن القيم رحمه الله].
قوله:(وعليكم) ليس المقصود أنه رد، ولكن المقصود أن اليهود كانوا إذا سلموا قالوا: السام عليكم، والسام: هو الموت، فهم يدعون بالموت على المسلمين ويسترون كلامهم، لذلك قال صلى الله عليه وسلم:(إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم) يعني: أن نقول لهم: وعليكم فتعود الدعوة عليهم، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم:(أنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا).
أما إذا سلم اليهود، وقالوا: السلام وعليكم فإنه يرد عليهم، ورد السلام واجب، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا سلموا عليه رد عليهم بقوله: وعليكم.
قال الشارح رحمه الله: [وقوله تعالى: (أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ) أي: من أجل أنّا ذكرنّاكم وأمرناكم بتوحيد الله قابلتمونا بهذا الكلام (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ).
قال قتادة: أئن ذكّرناكم بالله تطيرتم بنا؟! ومناسبة الآيتين للترجمة: أن التطير من عمل أهل الجاهلية والمشركين، وقد ذمهم الله تعالى به ومقتهم.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التطير، وأخبر أنه شرك، كما سيأتي في أحاديث الباب].