قال المصنف رحمه الله:[الخامسة: أن المسلمين يسألونه صلى الله عليه وسلم الاستسقاء].
المسلمون كانوا يسألونه الاستسقاء ويسألونه الدعاء، سواء أكان خاصاً أم عاماً.
وهكذا ينبغي للإنسان إذا كان عنده من يظن به الصلاح ومن يظن أنه ترجى دعوته أن يسأله ويقول له: ادع الله لنا، وقد جاءت سنة ذلك في القرآن، فالله جل وعلا أخبرنا عن الملائكة الذين يحفون بالعرش ويؤمنون بالله أنهم يستغفرون للمؤمنين، قال تعالى حاكياً عنهم:{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر:٧]، فإذا طلب المسلم من أخيه المسلم أن يدعو له فإن هذا جائز، بل قد يكون مستحباً؛ لأنه جاء في الحديث:(إذا دعا المسلم لأخيه في ظهر الغيب قال الملك: آمين ولك بمثله) وقول الملك: (آمين) يرجى أن الله يستجيبه، ويقول:(ولك بمثله) يعني: لك من الدعوة مثل ما دعوت لأخيك، فإذا دعا الإنسان بدعوة لأخيه فإنه في الحقيقة يسعى في طلب الخير لنفسه، ثم المسلم يجب أن يحب لأخيه المسلم مثل ما يحب لنفسه، ولهذا شرع لنا أننا نقول في الصلاة: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وعباد الله الصالحون هم كل عبد صالح، فنحن نسأل الله جل وعلا لنا وله السلامة، أن يسلمه الله من العذاب، سواء أكان من الأحياء أم الأموات، والذي لا يهمه أمر المسلمين ليس منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما كان يدعو للأمة عموماً، أي: الأمة التي آمنت، أمة الاستجابة التي استجابت لدعوته، وليس أمة الدعوة؛ فإن الخلق كلهم أمة له، ولكن الذين لم يستجيبوا هم من أهل النار لا يدعى لهم ولا يستغفر لهم، وإنما يدعى للمؤمنين.
والمقصود أن هذا مشروع، فكون الإنسان يسأل الله جل وعلا لأخيه السلامة في الدنيا والآخرة، ويحب له ما يحب لنفسه أمر مطلوب.